لا ذنب للنسوية بما تقترفه النسوة
موج يوسف
لم تستطع النسوية أن تدافع عن نفسها وهي ترى النسوة ينفصلن عن أنفسهن ويحاولن أن يجعلن من مفهومها متبرجا ويضع رموشا اصطناعية ويقضي نصف أسبوعه بالكوافير فهذا المفهوم الذي بدأن بصياغته النسوة اللواتي يخرجن على شاشات الاعلام متوشحات بقضايا المرأة أمام الجمهور العام وقد نجحن في اخراج النسوية من نسويتها ومسخها، إذ يلحظ عليهن الصراخ والشتم والبذاءة مصحوبة بانفعال عال، ويتداولن موضوعات النساء وتعرضهن للاغتصاب والقتل والتنعيف وتلاه تعديل قانون الأحوال الشخصية المذهبي والذي أراه يستعيد مفهوم الوأد بدلالة جديدة .
ولست بصدد الحديث عنه، وما يهمني هو تبرأة النسوية من الذنب الذي لم تقترفه بوصفها حركة فكرية واجتماعية ذات نزعة إنسانية تسعى إلى موازنة علاقات القوة بين الجنسين مع التركيز على حقوق المواطنة وقد استهدفت رائدتها سيمون دي بوفوار الحجج الداعية إلى الدونية المزعومة للنساء ومزقتها وقالت: إنَّ الثقافة الأبوية ليست مهيمنة لأنها متفوقة عقلانيا أو معرفيا أو أخلاقيا، بل أنها كونها مهيمنة فقد استولت على الوسائل العقلانية والمعرفية والأخلاقية لإحكام سيطرتها على الهايكل الاجتماعية والرمزية.
بمعنى أن النسوية لم تكن ضد الرجال وإنما ضد النظام الأبوي الذي عمل على اهدار أهليتها الآدمية فالمرأة انسانة ولها أهلية آدمية، وهي كاملة الجسم والعقل ولست معنية بشرح النسوية أكثر وإنما بتحليل الظاهرة الشعبوية التي غزت منصات الاعلام العراقي والعربي في ظهور النسوة ( واقول النسوة ) لأنه قلّة وليس كثرة لكنهن شكلن ظاهرة (الترند النسوي) بصفتهن محاميات أو ناشطات أو صفات أخرى لكن يخلو حديثهن من النظرية النسوية ويمتلىء بالفراغ فمثلا أحدى المحاميات تنتقد قوانين تخص المرأة، وأخرى ترى حضانة الطفل وتربيته السليمة عند الأب والرجل بحالة ظلم كبير وأخرى تتحدث عن تفاصيل إشكالية في تلك القوانين, نلحظ ثيمة الخطاب الذي خرجت به النسوة الآنف ذكرهن متشبع بالشعبويات وموجه إلى جمهور شعبوي؛ لذا هكذا خطاب يمثل الحالة الشعبوية التي يعتاش عليها العالم ويحتاجها الاعلام فضلا عن هذا نلحظ الخطاب الشعبوي نفسه لا يمت للنسوية بصلة من جهة التناول الموضوعي اذا لم نسمع تحليلا موضوعيا في استسراف لمستقبل خطورة زواج الفتاة القاصر؟، من حيث سيكون غيابها عن التعليم وعدم ممارسة دورها الاجتماعي بصفتها فاعلة وخالقة كيف سيؤثر على توازن المجتمع الذي سيفقد المرأة المهندسة والقاضية والطبيبة والمعلمة، وزيادة السلوكيات العنفية عند الافراد واذكر هذا كنموذج لا على سبيل الحصر، وأرى خروج النسوة بصبغة النسوية هو عمل ممنهج لقتل النسوية كحركة فكرية واجتماعية وقلعها من جذورها عبر التشويه بمن لا يمثلنها فكرياً .
لم نسمع أحداهن تردد آراء سيمون دي بوفوار أو نوال سعداوي أو مي زيادة أو نزيهة الدليمي كأول وزيرة عراقية ساهمت بوضع قانون الأحوال الشخصية العراقي بل لم نر لهن مقالات مكتوبة أو مشاركات في مؤتمرات بحثية أو ألفن كتبا لنقد وضع المرأة في العراق، بالمقابل نلمس تغيّب حقيقي للباحثات والناقدات والأديبات في الشأن لاسيما اللواتي كرسن كتابتهن في هذا الجانب.