الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
نحن نصنع الطغاة

بواسطة azzaman

نحن نصنع الطغاة

اميمة ابراهيم السامرائي

 

سمعنا من التأريخ قصصا كثيرة عن الطغاة الذين لم يتألق نجمهم فجأة في سماء الاستبداد والطغيان بل جاء بتأييد شعبي ومديح زائف وصمت متملق, ولم تكن خطاباتهم تلقى في فراغ التأريخ بل كانوا محاطين بصفوف من المصفقين والمهللين. لطالما تساءلت هل يولد البعض ومكتوب على جبينه انه طاغية ، أم هي صفة اكتسبها في بيئة من الصمت والمحاباة؟!! وبعد ان كان لي شرف مواجهة العديد منهم فمن العــــــــــدل ان اقول اني وجدتهم  ضحايا تلك البيئة.

رؤية مستقبلية

كم من مدير بدأ عمله بإخلاص، وكم من مسؤول كانت له اهداف تطويرية واعدة , ورئيس قسم شاب مليء بالحماس يتحدث عن رؤية مستقبلية وروح الجماعة  والمصلحة العامة ثم مع الوقت تبددت الاحلام وتبخرت الوعود واصبحت الرؤية ضبابية  ثم تحول إلى متسلط لأنه ببساطة لم يجد من يناقشه ..يحاوره , من يقول له مهلا أنت مخطئ, فالموظفون يصمتون.. يخافون.. ينافقون… ويصبح النقد همسات خفية في الزوايا ,وهكذا تتراجع الصراحة فلقمة العيش اهم من الكرامة والمصلحة الخاصة تتقدم على العامة ويتقدم الخوف على النقاش البناء ذلك الخوف الذي يجعل أحدهم يضحك على نكتة المدير حتى وان لم يفهمها لأنه بكل بساطة ( ما بي حيل المشاكل). ومع كل مجاملة زائدة، يتضخم ظل الكرسي ويتلاشى مــــــــعه ظل الإنسان, والأسوأ من ذلك ان هذا الطغيان مرض معد فالموظف الذي طالما كان صوته نصير الحق يغير نبرته حين يصبح في موقع المسؤولية ويبدأ بالتحدث بلغة مختلفة ومنطق يتلائم مع المنصب الجديد (نفتح المجال للحوار، بس أنا شايف هالطريقة أنسب) هل سمعنا عبارات مشابهة من قبل؟ نعم، اين؟ اكيد من الطاغية السابق وهكذا نعيد الحكاية.

يا سادة المؤسسات لا تنهار بسبب الفساد فقط بل بسبب الخوف , نحن نصنع الطغاة كل يوم ..نصنعهم حين نخاف أن نخسر رضا المسؤول أكثر من خوفنا من قول الحقيقة . هناك من يجعل المدير يعتقد أنه لا يخطئ لا يسأل، انه مقدس, وحين نصحو على كابوس الطغيان، لا نملك إلا أن نقول (ليش هيجي تفرعن علينة؟!)

الجواب بسيط لأننا منحنا الكرسي عقلا، واجهدنا عقولنا في فن الانحناء. الطغاة ليسوا اصناما في القصور بل في العقول الخانعة , فلماذا نحتاج الى ربيع عربي ليسقطهم… حين كان بإمكاننا أن لا نزرعهم أصلا؟!

 

 


مشاهدات 116
الكاتب اميمة ابراهيم السامرائي
أضيف 2025/07/28 - 2:37 AM
آخر تحديث 2025/07/28 - 6:18 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 277 الشهر 18638 الكلي 11172250
الوقت الآن
الإثنين 2025/7/28 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير