الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
الانهيار الصامت للقيم

بواسطة azzaman

الانهيار الصامت للقيم

مرتضى محمد

 

حين يُصبح الفساد مألوفًا، والهداية ضرورة وجودية

في خضم التحولات الثقافية والاجتماعية التي عصفت بالعالم الحديث، لم يعد

 من الممكن إنكار حقيقة التبدل الجذري في وعي الأفراد والجماعات تجاه مفاهيم الأخلاق، الأسرة، والمتعة. لم يَعُد الفساد الأخلاقي استثناءً، بل أُعيد تعريفه في الوعي الجمعي ليبدو كأنه سلوك “طبيعي”، بل ومحبّذ أحيانًا. هذا ليس مجرد انحدار أخلاقي عشوائي، بل يبدو وكأنه نتاج قوى – مؤسسات وشركات وأجندات – تشتغل بشكل مباشر أو غير مباشر على خلق حالة من الانفصال بين الإنسان وذاته، وبين الإنسان وقيمه، وبين الإنسان وعائلته.

أصبحنا نرى تحقيرًا للعائلة، وترويجًا لفكرة أن القرب العائلي خطر، وأن الانفصال والاستقلالية هما النجاة. حتى سفاح المحارم – الذي يُعد من أشنع الجرائم النفسية والأخلاقية – يُصوَّر على أنه واقع منتشر، مألوف، بل ومقبول في بعض السياقات الإعلامية. الهدف؟ خلق مناخ من الشك وانعدام الثقة بين الأقارب، وبين الزوجين، وبين الوالدين والأبناء.

كل من يحاول أن يصرخ بالحقيقة، يُتهم فورًا بأنه يعيش في وهم “نظرية المؤامرة”، وكأن الدفاع عن النقاء أصبح نوعًا من الجنون، أو ضربًا من التخلّف. بل الأسوأ أن الناس أنفسهم قد تأقلموا على هذا الوضع، وارتاحوا له، ولم يعودوا يشعرون بوجود خلل يستحق المقاومة.

وهنا تكمن المعضلة: لن تنفع المخططات البديلة، ولن تنجح الدعوات المباشرة للإصلاح، لأن الإنسان لا يتغيّر من الخارج إلا إذا تزلزل من الداخل.

وما يُحدث هذا الزلزال الداخلي؟ لحظة خلوة. لحظة صدق مع الذات. أو... هداية إلهية.

ليست الهداية الإلهية الطريق الوحيد، لكنها حين تحضر، فإنها توقظ الوجدان بعُمق لا تقدر عليه الكلمات، ولا الوثائقيات، ولا النُّصح المباشر. حين يهتدي الإنسان – بحق – لا يعود يرى الظلام جذّابًا، بل يراه سمًّا. وهذا ما حدث مع العديد من الشخصيات الذين عاشوا في أقصى دركات الانحلال، ثم صحوا – لا لأن أحدًا أقنعهم – بل لأن نورًا ما، داخليًّا أو علويًّا، اخترقهم.

إن التغيير الحقيقي لا يُفرض، ولا يُعلّب في برامج توعية. إنه يتخلّق حين يُمنح الإنسان مساحةً للتفكير، والشك، والتأمل... ثم تأتي لحظة الصدق، ويأتي معها – ربما – النداء الإلهي.

 

 

 

 

 


مشاهدات 71
الكاتب مرتضى محمد
أضيف 2025/07/21 - 3:07 PM
آخر تحديث 2025/07/22 - 11:49 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 429 الشهر 14336 الكلي 11167948
الوقت الآن
الثلاثاء 2025/7/22 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير