القرار الخطير والموقف الصامت
جاسم مراد
الآن تكشف الأمر بشكل واضح ، فبعد مجاز غزة التي استمرت حتى الان مدة سنتين ، قتل فيها اكثر من ( 57) الف مواطن غزاوي وجرح اكثر من ( 167) الف ودفن تحت الأنقاض عشرات الالاف ، وتم تجويع مليونين ونصف انسان غزاوي مات منهم المئات جلهم من الأطفال ، الان بعد كل ذلك ، أعلنت إسرائيل احتلال غزة ، وتهجير شعبها إن بقي منهم على قيد الحياة ، وهذا هو المخطط الإسرائيلي الذي دعا اليه قبل فترة قصيرة وزير المالية سموتريتش ووزير الامن بن غفير ، والذي يعني انهاء الوجود الفلسطيني في غزة قتلاً أم تشريداً ، مثلما أراد ذلك وزير التراث الإسرائيلي ، حينما اكد إذا تعذر تشريدهم يجب القاء القنبلة النووية على غزة للخلاص منها.
في ظل هذه المواقف الإسرائيلية ، يأتي قرار مجلس الوزراء الإسرائيلي باحتلال غزة ، ودفع شعبها الى زاوية في رفح لإبادة الرافض منهم للتهجير، تمشياً مع الرغبة الامريكية لإقامة مدينة الملاهي على هذه الأرض التي يصفونها بالجميلة .
وبالتأكيد هذا القرار الإسرائيلي ، إذا ما نجح ، في غزة ، فأنه سينسحب على الضفة الغربية حتماً ، سيما وان الاستيطان توسع بشكل كبير ، وبات العنصريون الصهاينة يفتشون عن هيكل سليمان المزعوم في مدينة القدس عبر هدم منازل الفلسطينيين والاستيلاء عليها ، وكذلك ما يحدث بمدينة الخليل ومراقد الأنبياء هناك ، كل ذلك يجري والصمت العربي هو اللغة الوحيدة الذي يتعايش معها الكيان الإسرائيلي ، وهو الطريقة الأمثل في هذا الزمن الرديء ، كأن هؤلاء لا يعرفون بأن سوريا هي المستهدفة تالياً ولبنان على القائمة ، وسيناء التي تاه فيها اليهود ( 40) عاماً هي المستهدفة اصلاً ، والعراق البلد الذي يسيل اليه لعاب الصهاينة عبر ممر داوود ، هو الاخر مستهدفاً بالصراعات لإبعاد الحشد الشعبي عن مجريات الصراع المقبل أولاً ، وخلق التناقضات بين كياناته ثانياً تمهيداً لتدخلات خارجية ثالثاً .
في ظل هذه الأجواء الخطيرة التي تهدد فعلياً القضية المركزية للعرب فلسطين ، لابد من موقف ، عبر علاقات هذه الأنظمة مع أمريكا ودول أوروبا ، وبالتالي فأن قرار الاحتلال لغزة ، يحتاج الى موقف عربي كلي قوي ومساند لفلسطين ، مبني على مجموعة من الإجراءات الفعلية ، وقف كل أنشطة التعامل مع هذا الكيان الإسرائيلي وسحب السفراء والتهديد بوقف المعاهدات والاتفاقيات ، والبدء بتقديم الدعم للشعب الفلسطيني عموما وأبناء غزة على وجه التحديد .
إن الموقف الإسرائيلي هذا باحتلال غزة ، ومن بعدها الضفة الغربية ، يحتاج الى عقد قمة عربية للتداول واتخاذ المواقف المناسبة مع حجم الخطر القائم ليس على فلسطين فحسب بل كل الدول العربية ، وهنا تقع المسؤولية على العراق للدعوة لهذه القمة العاجلة باعتباره هو الذي يترأس القمة في دورتها الحالية.
إن الصمت على الحصار التجويعي لابناء غزة ، وكذلك على القتل الجماعي لسكان غزة ، لم يعد يجدي أمام سياسة الاجتياح والاحتلال العسكري لهذه المدينة العربية الباسلة ، فالموقف الباسل قوة للعرب ، وهو ردع لسياسة القهر الإسرائيلية ، فأنتم أيها العرب لستم بعيدين من الاستهداف ، والموقف العربي الموحد القوي ، هو الذي يسحب معه المواقف الأوروبية والإسلامية ، ولكم من قرارات المحاكم الدولية ضد هذا الكيان وقياداته خير دليل ، فلا تكونوا وراء مواقف بعض الدول الأوروبية وامريكا اللاتينية كونوا في مقدمتها ، وهذا ما تنتظره الشعوب العربية منكم ..