الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
 نزار قباني.. شاعر الحب والثورة


 نزار قباني.. شاعر الحب والثورة

غفران حداد

 

مرت الذكرى 27 لوفاة  الشاعر السوري الكبير نزار قباني التي كانت في شهر نيسان الماضي بهدوء في الكثير من وسائل

 الإعلام العربي لكن عشاق قباني تذكروه بحب كبير عبر مواقع التواصل الاجتماعي ، ربما هذا  الإنشغال عن ذكراه يعود

 لإهتمام وسائل الإعلام بأخبار الحروب الدائرة في الشرق

 الأوسط، نزار قباني لذي وافته المنيّة في احدى مستشفيات لندن في عام 1988 بصمت عن عمر ناهز  75 عاما، ولد قباني يوم الإنقلاب الربيعي في 21 اذار مارس عام 1923 في وقت كانت تعلن الأرض فيه خصوبتها ونماءها، بدأ نزار يكتب الشعر وعمره 16 عاما واصدر ديوانه الأول قبل تخرجه بعام واحد من دراسته الجامعية في الحقوق وكان يحمل عنوان( قالت لي السمراء، 1944) وقد اثار جدلا كبيرا مع كثرة اشاراته الى الشكل الانثوي، لم يكن هذا ما اعتاد عليه المجتمع الدمشقي المحافظ لكنه نجح في كسب تأييد أحد كبار السياسيين في وزارة التعليم مما ادى الى إقرار كتابه بأنه مقبول.

بدأ قباني مسيرة دبلوماسية اثرت تجربته الحياتية وساهمت في نضج شعره وخلال السنوات التي اعقبت نكبة 1948 شهدت سوريا اضطرابات كثيرة ولجأ قباني الى تأليف الشعر الوطني الذي تجلت فيه مرارته من الهزيمة العربية واولها قصيدته الشهيرة" خبز وحشيش وقمر" التي منعت انذاك، في عام 1966، أستقال قباني من منصبه وانتقل للعيش الى بيروت ونشر ديوانه( على هامش دفتر الهزيمة، 1967) يحمل نقدا

 لاذعا للقيادة العربية خلال حرب الايام الستة مع العدو الإسرائيلي.

جمع نزار قباني في شعره كلا من البساطة والبلاغة اللتان تميزان الشعر العربي الحديث، وقد تميزت قصائده أيضا بجاذبيتها الخاصة التي لا تضاهى لدى أجيال من الفنانين العرب الذين لحنوها وغنوها ابرزهم ام كلثوم، عبد الحليم حافظ، محمد عبد الوهاب، نجاة الصغيرة، فيروز، ماجدة الرومي، كاظم الساهر ولطيفة التونسية، وله عدد كبير من الدواوين تصل الى 35 ديوانا كتبها على ما يزيد على نصف قرن اهمها ديوان( حبيبتي، الرسم بالكلمات، قصائد حب عربية، طفوله نهد، انتِ لي، اشعار خارجة عن القانون، كل عام وانتِ حبيبتي، أبجدية الياسمين).

 نزار قباني ولقائه ببلقيس الراوي

خلال أمسية شعرية له اقيمت في بغداد عام 1962 لفتت نظره فتاة بغدادية جميلة تجلس في الصف الاول من الحاضرين لم يتردد نزار في البحث عنها ومكان اقامتها ولم يتوانى الشاعر عن التقدم لخطبتها لكنه فوجئ بقرار الرفض الصارم من ابيها فعاد نزار يلتحق بعمله بالسلك الدبلوماسي السوري في اسبانيا وبقيّ على تواصل مع بلقيس الراوي من خلال رسائل الشغف والحب لسبع سنوات حتى عاد الى بغداد للمشاركة في مهرجان المربد الشعري في العراق عام 1969 وراح يروي على مسامع الجمهور قصة عشقه مع بلقيس وقال:

مرحبا يا عراق جئت اغنيكَ.. وبعض من الغناء بكاءُ.. اكل الحب من حشاشه قلبي.. والبقايا تقاسمته النساء الى ان يقول

 كان عندي هنا أميرة حب.. ثم ضاعت أميرتي الحسناءُ.. اين وجه في الاعظميه حلوٌ.. لو رأته تغارُ منه السماء؟

وبعد وساطة من قبل الرئيس العراقي انذاك احمد حسن البكر الذي اوفد الى ابيها كل من وزير الشباب شفيق الكمالي ووكيل وزارة الخارجية شاذل طاقة لخطبتها بأسمه الشخصي لنزار قباني فلم يكن أمام الأب جميل الراوي سوى الموافقة والنزول عند رغبة الرئيس، عاد نزار قباني ومعه بلقيس الى بيروت  وعلى امتداد 13 عاما من الحياة السعيدة وولادة زينب وعمر لكن الزواج السعيد لم يصمد امام الانفجار المروع الذي ضرب السفارة العراقية في بيروت من عام 1981 حيث كان تعمل بلقيس فيها لسنوات ورثاها نزار قباني بقصيدة طويلة قال فيها:

"بلقيس ..أيتها الشهيدة .. والقصيدة ..

والمطهرة النقية ..سبأ تفتش عن مليكتها

فردي للجماهير التحية ..يا أعظم الملكات ..

يا امرأةً تجسد كل أمجاد العصور السومرية

بلقيس ..يا عصفورتي الأحلى ..ويا أيقونتي الأغلى

ويا دمعاً تناثر فوق خد المجدلية. أترى ظلمتك إذ نقلتك

ذات يومٍ .. من ضفاف الأعظمية"

 الزيارة الأخيرة لبغداد

في مهرجان المربد في بغداد عام 1985 القى نزار قباني قصيدة استفزت وزير الاعلام العراقي انذاك وهو الذي كان ينتظر منه قصيدة يمدح بها الرئيس (الغير ضرورة) أسوة

 بالشعراء الذين اعتلوا المنبر لكن نزار استفز الوزير والمسؤولين عندما وصل للمقطع:

 في مدن صارت بها مباحث الدولة عراب الأداب

 واشار بيديه الى كل الشعراء والمسؤولين الجالسين في الصف الأمامي، ليكمل نزار قباني هجومه وقال:

"مسافرون نحن في سفينة الأحزان.. قائدنا مرتزق.. وشيخنا قرصان

مكومون داخل الأقفاص كالجرذان

    لا مرفأ يقبلنا

    لا حانة تقبلنا

    كل الجوازات التى نحملها

    أصدرها الشيطان

    كل الكتابات التى نكتبها

    لا تعجب السلطان"

ليتم التعتيم على القصيدة في وسائل الإعلام العراقية آنذاك بأمر من الوزير  ولم يدعى نزار قباني لأي مهرجان في العراق بعد ذلك.


مشاهدات 128
الكاتب غفران حداد
أضيف 2025/06/22 - 5:29 PM
آخر تحديث 2025/06/24 - 4:12 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 145 الشهر 14988 الكلي 11149642
الوقت الآن
الثلاثاء 2025/6/24 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير