ليس بعد الحق إلا الضلال
فيان القبطان
يجور الآخرون بالباطل على الحق؛ لذلك على من يثق بفعل الصواب ألا يستمع لتقييم الآخرين؛ لأن ليس بعد الحق إلا الضلال، ومن يزعل من الحق يجب ألا يسترضى بالباطل؛ فـ... من يفرط بالحقيقة سافحاً المبادئ القيمية الراسخة، إرضاءً لأولياء الشيطان، يخسر نفسه ولا يكسب العالم.
وقد تاه كثيرون في غياهب الشر؛ لأنهم ظنوا في الإقتراب منه قطرة خير خافية يستمطرونها منافع شخصية، فيفوزون، حتى لو خسروا الآخرين وأخسروهم.
الآخرون هم الجحيم، كما يقول سارتر، لكن بمبدأية لا تساوم على رصانة الموقف، ولا تنتهج سبيل السؤ؛ يمكن تحويل الآخرين الى نعيم.
هل يعقل أن الأفعى التي أغوت آدم بقضم تفاحة المعرفة، كانت خارج إرادة الرب؛ أم أن إرادة ربانية رسمت للإفعى سبيل الإنفلات مما حذر.. سبحانه وتعالا.. وأن تلك الإرادة المقدسة أهملت آدم.. تركته لنفسه.. والنفس أمارة بالسؤ، فكان ما كان من نشوء البشرية إنطلاقاً من عصيان السلف الأعلى لله «لا تقربا تلك الشجرة» ولما خالفا مقتربين تحقق الوجود وإنتفى العدم!
ما يحث على التأمل في الهداية النابضة داخل عب التيه؛ جحود العبد لتعاليم الرب؛ أطلقت الإنسان على الأرض وتبلور الإدراك وهضم نسل آدم تفاحة المعرفة، مطلعين على لعبة التناسل، التي يضعها الذكر شهوة وتحملها الأنثى كرهاً.
هذا هو الوجود! فهل ثمة بعد الحق المطلق سوى الضلال النسبي.. شهوة الرجل ومجبورية الأنثى، تديم غريزة البقاء ولذة التكاثر؛ ولو وقف الإنسان عند تلك المعادلة غير المتزنة؛ مصغياً لملامة اللائم؛ لجار الجميع على الجميع.. أفراداً ومجتمعاتٍ.. كل يؤكد أنه على صواب وسواه يتيه في الخطأ؛ ما يوجب إلتزام الثقة بفعل الصواب وألا يستمع حامل الرسالة ومتبني الموقـــف الأمثل، لتقييم الآخرين؛ لأن لا جدوى من كسب العالم إذا خسر المرء نفسه، كما تنص الآية الإنجيلية المقدسة.