الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
ماذا قبل القمة وبعدها؟

بواسطة azzaman

ماذا قبل القمة وبعدها؟

فاطمة علي

 

نفس الشيء العراق إلى المجهول، لأن سنة 2025 العالم قد أصبح رقميًا، بينما العراق لا يزال يعيش في بدايات القرن العشرين. فالجميع هنا يعاني من نقص حاد في حقوقهم الأساسية، بدءا من العلاج والرعاية الصحية، وصولًا إلى أسوأ مستويات التعليم وتدهور خدمات المياه والكهرباء.  لا يزال الحال على ما هو عليه، بل منذ زمن بعيد، والآمال في تحسين الوضع تتبدد شيئًا فشيئًا. و كأن الفشل في تحقيق التغيير يمثل جزءًا من مسيرةٍ حزينة ترسم ملامحها مؤسساتٌ مسؤولة، لكن يبدو أن المسؤولين أنفسهم محاصرون بالفساد، مما يجعلهم يتجاهلون معاناة المواطن.  المصيبة الكبرى أن الذين كانوا يعانون من الفقر المقيت، أصبحوا اليوم في مواقع القيادة، وهم يمارسون الاستغلال تحت عباءة السلطة، stealing the very sustenance meant for the impoverished. هذا الواقع المأساوي يجعلنا نتساءل عن كيفية تحول هؤلاء الذين كانوا ضحايا الفقر والاضطهاد إلى جلادين يمسكون بزمام الأمور في الدولة. العلاج نفسه أصبح تجارة، إذ يتعين على المريض دفع ثمن صريح من أجل رؤية طبيب أو الحصول على العلاج، وهذا أمرٌ يٌعد انتهاكًا صارخًا لحقوق الإنسان. بينما ينبغي أن تكون هذه الخدمات حقًا للجميع، يجد المواطن نفسه في مواجهة نظام صحي يهتم بالربح أكثر من اهتمامه بصحة الأفراد وكرامتهم. بل إن السلطة تنتزع من الفقراء آخر ما يمتلكونه، تاركة إياهم في دائرة الاحتياج واليأس. هذا الواقع المؤلم يذكرنا بمفاهيم العدالة الاجتماعية التي يكافح العالم من أجل تحقيقها للناس العاديين، بينما في العراق، يبدو أن كل تلك المفاهيم تتلاشى تحت ضغط الفساد المؤسسي. بل إن البعض يتعجب من كيف يمكن للسلطة أن تكون عمياء إلى هذا الحد، بينما ترتفع أصوات دعوات التغيير وتطالب بحقوق لا ينبغي أن تكون خاضعة للمساومة.  كيف يمكن لبلد غني بتاريخه وتراثه وثرواته الطبيعية مثل العراق أن يشهد مثل هذه الانحدارات الحادة في معايير الحياة؟  إن ما يثير القلق ليس فقط افتقار العراق للرعاية الصحية الكافية، بل أيضًا غياب الخطط التنموية والاستثمار في التعليم، ما يعني أن الأجيال القادمة ستظل فريسة لهذه السياسات العرجاء. أي بلد هذا وأي حكومة تحمل في عواطفها قسوة لدرجة أن تعيش على نهر دجلة والفرات دون أن توفر للأهالي الحد الأدنى من الرفاهية؟ بالله عليكم، كيف يمكن أن نلتزم الصمت أمام صيف يشتعل بلهيب معاناة الفقراء، بينما شتاء العاصمة يُعتبر زمهريرًا على من لا يمتلك قوت يومه؟ إن معاناة الناس ليست مجرد أرقام في التقارير، بل هي واقع يومي يُعاش على الأرض.  لا بد أن نتذكر دائمًا قول الله سبحانه وتعالى: إنني شديد العقاب، فملذات الدنيا وثرواتها لن تنفع هؤلاء الذين لا يعرفون معنى الرحمة. إن الفساد في العراق ليس مجرد ظاهرة عابرة، بل هو نظام متكامل يخدم القلة على حساب الكثرة. كل الدراسات تشير إلى أن الفساد مستشرٍ في كل زاوية، بينما يُظهر المفسدون ابتساماتهم في العلن، ويدعون النزاهة في السر، وهذا يمثل تناقضًا صارخًا يجعل الشارع العراقي يشعر بأنه ضحية لمخاطر حكمٍ فاسد. إن من ينخرط في الفساد بات جزءًا من المشكلة، وأصبح التغيير أمرًا مُلحًا يتطلب جهودًا جماعية من كل أطياف المجتمع. هناك حاجة ملحة لوقفة صادقة لصالح العراق وأهله، فبالإرادة الحقيقية يمكن إعادة بناء الوطن وتحقيق ما تمناه الجميع لعقود خلت. لا نحتاج فقط إلى طموحات، بل إلى خطط حقيقية وإلى مسؤولين يتحملون واجباتهم بجدية وشفافية. من أجل هذا، يجب أن نرفع أصواتنا عالياً، لندعو إلى إجراء تغييرات حقيقية تعيد العراق إلى المسار الصحيح وتعيد له كرامته المفقودة.

 


مشاهدات 135
الكاتب فاطمة علي
أضيف 2025/05/31 - 1:11 AM
آخر تحديث 2025/06/02 - 3:29 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 867 الشهر 2172 الكلي 11136826
الوقت الآن
الإثنين 2025/6/2 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير