لماذا قتلونا؟

حسين وناس الخزاعي

تساؤلات حارقة تقتحم الذاكرة وتدمي القلوب: «لماذا قتلونا؟» هذا هو السؤال الذي يتردد صداه في أروقة العراق، سؤال يختزل مأساة شعب تعرض لأبشع أنواع الظلم والتنكيل. ففي خضم الفوضى التي اجتاحت البلاد، برزت قوى الظلام متمثلة في تنظيم داعش الإرهابي، لتزرع الدمار والخراب على مرأى ومسمع العالم أجمع. ولكن التساؤل الأهم يبقى: من هي الدول التي ساهمت في إنشاء هذه الفلول الإرهابية لغزو العراق؟

لقد بات من الواضح أن نشأة داعش لم تكن وليدة الصدفة، بل كانت نتيجة لتخطيط ودعم من قوى إقليمية ودولية، تغاضت عن ممارساته أو قدمت له يد العون بشكل مباشر أو غير مباشر. ورغم فظاعة الجرائم التي ارتكبت، لا يزال التساؤل يلح علينا: لماذا لا يتم معاقبة هذه الدول وجعلها تدفع تعويضات للعراق؟ فالدمار الشامل الذي لحق بالبنية التحتية، والخسائر البشرية الفادحة، والنزوح الجماعي، كلها تتطلب وقفة حازمة ومساءلة دولية عادلة.

الأكثر إيلاماً هو الصمت المطبق من قبل من هم في سدة الحكم في العراق. لماذا لا يقوم الرؤساء والوزراء ومن يدعون الزعامة والشرف برفع شكوى إلى مجلس الأمن الدولي حول من أنشأ جيوش داعش الإرهابي لقتل العراقيين ونهب ثرواته؟ هذا التكتم والتستر يثير الشكوك حول مدى انخراط بعض السياسيين في أجندات تتجاوز مصلحة الوطن والمواطن. يبدو أن المصالح الشخصية والتنافس على المناصب قد طغت على دماء الأبرياء، مما يجعلنا نتساءل لماذا يستخفون دائماً بقتل واغتصاب ونهب الشعب العراقي؟

إن الأمم المتحدة، التي يُفترض بها أن تكون الملاذ الأخير للمظلومين، تبدو وكأنها قد خلعت عنها عباءة المسؤولية في هذا الملف الشائك. تجاهلها لهذه الهجمة والاستباحة المروعة من قبل داعش، وكذلك من قبل حكومة بغداد التي استرخصت دماء شعبها لمصالح دنيوية، يضع علامات استفهام كبرى حول دورها وفعاليتها. فبدلاً من أن تكون صوتاً للعدالة، أصبحت صامتة، مما يعزز فكرة أن المنظمات الدولية قد تتغاضى عن الحقائق الصادمة عندما تتعارض مع مصالح معينة.

سيبقى سؤال «لماذا قتلونا؟» ناقوساً يدق بلا توقف، يتردد صداه في كل بيت عراقي، مطالباً بالعدالة والقصاص من كل من تسبب في هذه المأساة.