التهجبر وفقاً للقانون الدولي
خليل ابراهيم العبيدي
يدعو الرئيس دونالد ترامب إلى نقل المواطن الغزي إلى كل من الأردن ومصر تحت لافتة إفساح المجال لاعادة اعمار غزة ، ومن يربط بين قول الرجل أثناء حملته الانتخابية والتي كان مفاده ،،ا ان ارض إسرائيل باتت ضييقة ،،، يرى أنه يحاول بأسلوب الصهيونية المعروف أن يغطي النوايا الخفية بدوافع إنسانية ، وان نوايا التهجير واضحة من خلال الدعوى لبناء دور سكنية لهم في دول المهجر ، وليس اسكان مؤقت كما تفعل الدول في ظروف الأزمات ،
التهجير ثقافة صهيونية .
جاء في مستهل البيان الصهيوني للمؤتمر الصهيوني الأول الذي عقد في عام 1997 في مدينة بازل في سويسرا ،، أمرين أساسيين هما .
اولا ...الدعوة إلى هجرة اليهود من البلدان التي عاشوا فيها منذ قرون عديدة إلى فلسطين ، وطن الشعب العربي منذ فجر التاريخ ، وهي دعوة إلى اغتصاب ارض شعب وإحلال المهاجرين الوافدين من مختلف الجنسيات ومن شتى أنحاء العالم .
ثانيا... تنمية الوعي القومي الديني لدى اليهود ، والصهيونية بهذا الاتجاه تكشف عن هويتها العنصرية حيث تخلط بين الدين والقومية وتستمد ايديولوجيتها من اسطورة شعب الله المختار . ( انظر محمد وجدي الدباغ ، كتاب ،،، الأيديولوجية الصهيونية وإسرائيل ص85) ، والصهيونية حركة عنصرية تهدف إلى جمع اليهود من شتى بقاع العالم في كامل أرض فلسطين اضافة إلى أراض عربية تبدأ وفقا التلموذ من الفرات إلى النيل وهكذا نشرت وزارة الخارجية مؤخرا خارطة لإسرائيل الحلم وفقا للنظرة الصهيونية الى دولة أوسع من إسرائيل الحالية بدءا من التشجيع على الاستيطان في الضفة الغربية والقدس الشرقية والجولان السورية ، واليوم يطالب اليمين الديني التلمودي المتطرف إعادة الاستيطان في قطاع غزة . والصهيونية وفقا لبروتوكولاتها تعمل على مراحل على تحقيق أهدافها بإنشاء دولة إسرائيل الكبرى ، دولة جبل صهيون ، هو تله تقع في غبر القدس ، فيه هيكل الملك داود . وما دعوات التهجير القائمة اليوم الا وسائل مبرمجة لتحقيق ذاك الهدف ، وان دعوة ترامب لم تأت من فراغ .
التهجير والشرعية الدولية .
يعرف التهجير ، بأنه عملية ارغام الغير على ترك منطقة سكناه إلى مناطق أخرى لا تتناسب ورغبة ذاك المهجر ، والتهجير لا يقتصر على الأفراد ضمن البلد الواحد وانما صار عملية يراد منها سلخ المواطن لوطنيته والعمل على إجباره لترك أراضي دولته إلى مواطن أخرى في دول أخرى ، وقد نظمت اكبر عملية تهجير في التاريخ الحديث بحق الشعب الفلسطيني قبل تقسيم أراضيه بين الدولة العبرية التي ظهرت لأول مرة عام 1948 ، ودولة عربية فلسطينية ممنوعة من الظهور ، وذلك بموجب القرار رقم 181 لعام 1947 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة .. لقد سلم العرب بما املته الشرعية الدولية ، وصاروا يبحثون عن دولتهم المشروعة دوليا والغائبة فعليا، ولكن يواجهون ومنذ العام 1967 تعنت اسرائيلي بدعم امريكي لا يسمح بقيام دولة فلسطين الشرعية ، والأغرب أن إسرائيل لم تعد تكتفي بما هو مخصص لها بالقرار الدولي إنما صارت تعمل وبشتى الأساليب على التوسع على حساب حقوق العرب الفلسطينيين في أرضهم ، وأصبح الاستيطان عملا مشروعا بموجب القوانين الداخلية الإسرائيلية ، وصار المستوطنون الذين قامت الدولة بتسليحهم يعبثون بالوجود الفلسطيني في أرضه وأخذوا يحرقون منازله ، ومزارعه ، ويجرفون بيوته ، واخيرا صاروا يحرقون تلك البيوت . وهم بتحركاتهم هذه يحاولون جاهدين على إجبار المواطن في عموم الضفة والقدس الشرقية لترك أراضيهم أملا في الاستحواذ عليها تدريجيا ، وهكذا صارت كما يدعي ترامب ارض إسرائيل ضييقة، أن عملية التهجير تخالف المادة التاسعة والاربعون من اتفاقية جنيف الرابعة ، والتي مفادها ( يحظر النقل الجبري الجماعي أو الفردي للأشخاص المحميين أو نفيهم من الأراضي المحتلة إلى أراضي دولة الاحتلال أو أي أراضي إلى دولة أخرى . ودعوى ترامب تعد دعوى التهجير ، ولكن بأسلوب صهيوني ناعم . كما وان دعوته تعد مخالفة للفقرة الثامنة من المادة 8 من ميثاق روما للمحكمة الجنائية الدولية والتي جاء فيها ( قيام دولة الاحتلال على نحو غير مباشر بنقل اجزاء من سكانها المدنيين إلى الأرض التي تحتلها أو ابعاد أو نقل كل سكان الأرض المحتلة أو أجزاء منهم داخل هذه الأرض أو خارجها . وللأمم المتحدة ايضا رأيا في التهجير والذي جاء بالاعلان العالمي لحقوق الشعوب الأصلية بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الصادر في الثالث عشر من أيلول عام 2007 ، والذي جاء فيه .
وإذ يساورنا القلق لما عانته الشعوب الأصلية من أشكال ظلم تاريخية ، نجمت عن عدة أمور منها استعمارها وسلب حيازتها لاراضيها واقاليمها
ومواردها وبالتالي منعها نصيبها من ممارسة حقها في التنمية وفقا لاحتياجاتها ومصالحها الخاصة . وهناك الكثير من القواعد القانونية في القانون الدولي الإنساني تؤكد على حق الشعوب بالتمسك بارصها وعدم إجبارها على على الانتقال إلى أراض الغير مهما كانت الأسباب ، وهي اليوم تعد من أهم القيود التي تقيد اسرائيل ومن قبلها الويلايات المتحدة من التفكير بترحيل اهل غزة ، لأن أهلها كما أظهره الإعلام العالمي متمسكين بها ، ولو على خصاصة ، وان الدلائل تشير للقاصي والداني أن كل محاولات التهجير سوف لن تمر على الفلسطينيين في غزة ، فلهم سوابق من قبل مع إسرائيل والصهيونية ومن بعدهم اليوم مع النوايا الترامبية.......