فاتح عبد السلام
أعظم دولتين وقوتين في العالم تذهبان الى السعودية للتداول في أكبر المشاكل الدولية ومنها حرب أوكرانيا ونتائج هدنة قطاع غزة بين الفلسطينيين وإسرائيل، هو قيمة معيارية جديدة تضاف للسعودية في أداء دور دولي وليس إقليميا فحسب، وهذه علامة فارقة في الخارطة الجديدة للنفوذ العالمي في المنطقة التي يجري رسمها وتحمل توصيفات عدة.
دلالة القمة الامريكية الروسية في الرياض أكبر من حدث عابر، لأنها نتائجها لن تخص ملف حرب أوكرانيا بكل تعقيداته أو العلاقات الامريكية الروسية الجديدة، بل ستكون هناك انعكاسات إيجابية في الاصغاء الى الصوت العربي الذي سيخرج لاحقاً من القمة الخماسية التي تستضيفها الرياض بمشاركة مصر والأردن للرد على خطة ترامب بشأن تهجير سكان قطاع غزة.
غير أن هناك جانباً مهما، هو كيفية تحقيق ديمومة في التواصل بين الدول العربية خارج القمم التقليدية الرتيبة، بما يحقق تكاملا نسبيا في التوجهات العربية العامة لاسيما في الملفات المشتركة، ولكي تكون جميع الدول العربية قوية في تعاطيها المشترك مع اية مسألة تخصها ودول أخرى.
هذا الجانب تفتقده العلاقات العربية البينية، ولولا ضخامة وحساسية ملف فلسطين وما حدث من حرب أخيرة، لما وجدنا هناك تقاربا في العلاقات بين دول دول عربية عدة، كانت قد ادمنت العزف المنفرد طويلا من دون ان تعير بالاً له إسرائيل او دول إقليمية مؤثرة ومنها إيران وتركيا.
العلاقات الموسمية لا تصنع استراتيجيات تضمن المصالح العربية، بعد أن فقدنا بوصلة الدلالة من القمم العربية ولم نشهد معطيات ذات ثقل تصدر عن القمة كمؤسسة ذات ديمومة سنوية.
السعودية تضخ طاقة جديدة في الجسم العربي الخامل بفعل عوامل قوة تمتلكها وتنفرد ببعضها في المجال الدولي، والعرب مدعوون للالتفاف حول الرياض من اجل توحيد الرؤية للخلاص من مآزق تأتي به خطة الرئيس ترامب او انعكاسات تطور الملف النووي الإيراني مع الغرب او اية مفاجآت أخرى. وفي نفس الوقت لا تستطيع الاليات السعودية ان تؤدي دورا فاعلا من دون مساندة من الأردن ومصر والفلسطينيين في الملف الأخطر المتداول حالياً.