تراجع المساحات الزراعية وأزمة السكن
كمال جاسم العزاوي
عند أطراف المدن الكبيرة يستمر البناء الافقي للوحدات السكنية على حساب المساحات الزراعية وهو أمر هام لا يختص بمنطقة بذاتها أو محافظة بذاتها لكنها معضلة تؤثر سلباً على امكانيات البلد وثرواته الطبيعية فالأراضي الزراعية هي ثروة كامنة للأجيال الحاضرة والمستقبلية لبلد مثل بلدنا العراق (اذا احسن استغلالها) ولم يكن الزحف على الرقعة الزراعية بحد ذاته (تجاوزاً) بقدر ماهو أمر طبيعي و متوقع في ظل الدوافع والضغوطات التي يفرضها الواقع المعاش والانشطار الاسري الذي يحصل في كل المجتمعات لكنه يتحول الى اشكالية وتداعيات وأزمات بغياب الارادة الفعلية للحل والذي يقع في صلب مهام وواجبات الدولة الانسانية والاخلاقية والسكن اللائق حق مشروع لكل انسان يعيش على هذه الأرض والذي يجب على أصحاب الشأن أدائه بالتخطيط والأستغلال الأمثل للثروات والطاقات البشرية المتوفرة في البلاد ووضع الخطط الخمسية والعشرية التي تأخذ بنظر الاعتبار نسبة الزيادة أو النمو السكاني المضطرد معضلة السكن :
تتفاقم أزمة السكن في عموم البلاد سنة بعد اخرى من غير أن تلقى الحلول المناسبة المستدامة سوى مشلريع صغيرة هنا وهناك وهي مشاريع صغيرة لا تشكل سوى نسبة صغيرة من الحاجة الفعلية للسكن المطلوب وهي مجمعات محدودة العدد
وتأثيرها اعلامي أكثر مما هو على أرض الواقع الا أن الارادة الحقيقية للحل يلزم ان تقترن بالتخطيط السليم مع الأخذ بعين الاعتبار النمو السكاني المتصاعد ان حاجة المواطن الحيوية الى السكن يدفعه الى الوقوع في حبائل الجمعيات الاسكانية التي قد لا تلتزم بالطرق القانونية في اقتطاع الأراضي الزراعية وبيعها للمواطن بصفة أراضي سكنية مما ينعكس سلباً على حق المواطن في تشييد داره على ارضه التي اشتراها من تلك الجمعيات فيدخل في تعقيدات قانونية ومضايقات من دوائر البلدية في حين انه قد أدى ما عليه في تعاقده معها وحصل على الأرض بماله الخاص لتوفير السكن اللائق لعائلته بعد تخلي الدولة وعجزها عن اسداء أهم حق
من حقوق المواطنة التوسع الافقي والتوسع العمودي :
وجب الحفاظ على الرقعة الزراعية للبلاد باعتبارها المصدر الاستراتيجي للثروة بعد النفط والمعادن الاخرى اضافة الى تأمين القوت وتحقيق الأمن الغذائي للشعب ولتطبيق هذا المبدأ يجب ايقاف الزحف الحاصل على الأراضي الزراعية وايجاد الحلول المناسبة لأزمة السكن المستمرة بأساليب حديثة تحمي المساحات الزراعية من التجاوز وتؤمن السكن اللائق للمواطن العراقي وذلك بتشييد الأبراج السكنية الحديثة وبمواصفات جيدة وهو نظام عالمي يؤمن أكبر عدد من الوحدات السكنية بأقل التكاليف وباقل مساحة من الأراضي وهذا ما يطلق عليه (التوسع العمودي) بدل النظام القديم في البناء الوحدات السكنية المنفردة والذي يتمدد على حساب المساحات الزراعية وبتكاليف كبيرة وخدمات ضعيفة ومعقدة من طرق وماء وكهرباء ومنشآت خدمية اخرى و أخيراً نقول ان مشكلة التعدي على حدود الاراضي الزراعية لا يمكن حلها بعيداً عن حل أزمة السكن لأنها نتيجة طبيعية للنمو
السكاني وهذه المعضلة ليست مستعصية على الحل اذا ما توفرت الارادة الوطنية والاصرار على الحل بالتخطيط المستقبلي
السليم لحلول مستدامة تعيد للمواطن حقه بالحصول على السكن اللائق وتحمي الرقعة الزراعية من التجاوز وتقليص مساحتها