الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
اليوتيوب وهيمنة‭ ‬المحتوى‭ ‬الهابط‭ ‬

بواسطة azzaman

اليوتيوب وهيمنة‭ ‬المحتوى‭ ‬الهابط‭ ‬

عباس الحسيني

 

تظهر‭ ‬امرأة‭ ‬في‭ ‬عقدها‭ ‬الثالث‭  ‬بلهجتها‭ ‬الامية‭ ‬الساذجة‭ ‬وهي‭ ‬تقدم‭ ‬نصائح‭ ‬في‭ ‬فن‭ ‬التجميل‭ ‬والطبخ‭ ‬للعراقيات‭ ‬،‭ ‬وما‭ ‬ان‭ ‬تنتهي‭ ‬في‭ ‬‮٣‬‭ ‬او‭ ‬‮٤‬‭ ‬ساعات‭ ‬حتى‭ ‬تحقق‭ ‬تلك‭  ‬المراة‭ ‬الانية‭ ‬الساذجة‭ ‬ملايين‭ ‬الاصوات‭ ‬من‭ ‬المعجبين‭ ‬والمشتركين‭ ‬،‭ ‬حيث‭ ‬وصل‭ ‬عدد‭ ‬المشتركين‭ ‬في‭ ‬قناة‭ ‬هذه‭ ‬المراة‭ ‬رزقها‭ ‬الله‭ ‬من‭ ‬اوسع‭ ‬الابواب‭ ‬الى‭  ‬‮٣‬‭ ‬ملايين‭ ‬مشترك‭ ‬،‭ ‬ولنتخيل‭ ‬الان‭ ‬حجم‭ ‬الدمار‭ ‬الثقافي‭ ‬الشامل‭ ‬الذي‭ ‬يعم‭ ‬مجتمعنا‭ ‬،‭ ‬حيث‭ ‬يتحول‭ ‬اليوتيوبريون‭ ‬من‭ ‬السذج‭ ‬والاميين‭ ‬والتافهين‭ ‬والمنتفعين‭ ‬الى‭ ‬قادة‭ ‬ومصلحين‭ ‬في‭ ‬مجتمعنا‭ ‬؟

ولنتخيل‭ ‬ايضا‭ ‬ان‭ ‬يتحول‭ ‬الاعلام‭ ‬الى‭ ‬منبر‭ ‬للقاء‭ ‬عارضات‭ ‬ازياء‭ ‬واصحاب‭ ‬دكاكين‭ ‬التجميل‭ ‬وفنانين‭ ‬هابطين‭ ‬للحديث‭ ‬عن‭ ‬طلاق‭ ‬إعلاميات‭ ‬وفنانات‭ (‬‭ ‬راقصات‭ )  ‬وزواج‭ ‬التافهين‭ ‬والسطحيين؟

لا‭ ‬اعتقد‭ ‬بتاتا‭ ‬ان‭ ‬ما‭ ‬يحدث‭ ‬هو‭ ‬مجرد‭ ‬صدفة‭ ‬،‭ ‬بل‭ ‬هو‭ ‬امر‭ ‬مخطط‭ ‬له‭ ‬بعناية‭ ‬ودراية،‭ ‬في‭ ‬ان‭ ‬يغيب‭ ‬قسرا‭ ‬المثقفون‭ ‬والكتاب‭ ‬والمفكرون‭ ‬واصحاب‭ ‬الاثر‭ ‬الاكاديمي‭ ‬والثقافي‭ ‬،‭ ‬وان‭ ‬يستهزأ‭ ‬ببناة‭ ‬المجتمع‭ ‬واعلام‭ ‬المعرفة‭ ‬،‭ ‬ليتحول‭ ‬الاهتمام‭ ‬الى‭ ‬حديث‭ ‬المراهقين‭ ‬والمراهقات‭ ‬والصناع‭ ‬الاسوأ‭ ‬للمحتويات‭ ‬الهابطة‭ ‬،‭ ‬والتي‭ ‬اصبحت‭ ‬انموذجا‭ ‬يحتذى‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬المراهقين‭ ‬وصغار‭ ‬السن‭ ‬واصحاب‭ ‬الفقر‭ ‬المعرفي‭ ‬الذين‭ ‬تحولوا‭ ‬الى‭ ‬سطحيين‭ ‬وسذج‭ ‬ومدعي‭ ‬غباء‭ ‬ينتهي‭ ‬يومهم‭ ‬بطبخ‭ ‬وشرب‭ ‬ونكات‭ ‬وتجاوز‭ ‬على‭ ‬التاريخ‭ ‬والقيم‭ ‬المعرفية‭ ‬

المحتوى‭ ‬الهابط‭ ‬عالميا‭ ‬يكاد‭ ‬يختلف‭ ‬من‭ ‬دولة‭ ‬لاخرى‭ ‬ومن‭ ‬مجتمع‭ ‬لاخر‭ ‬،‭ ‬غير‭ ‬ان‭ ‬الهبوط‭ ‬الفكري‭ ‬والانحطاط‭ ‬الثقافي‭ ‬هو‭ ‬الاخطر‭ ‬لدينا‭ ‬كوننا‭ ‬نصدم‭ ‬بالتوجهات‭ ‬الحديثة‭ ‬والابتكارات‭ ‬المختلطة‭ ‬بالتكنولوجيا‭ ‬والتي‭ ‬لا‭ ‬محيد‭ ‬توجيهها‭ ‬وتقنينها‭ ‬

المحتوى‭ ‬الهابط‭ ‬تحول‭ ‬الى‭ ‬معلم‭ ‬وسيد‭ ‬في‭ ‬مجتمعنا‭ ‬يجيد‭ ‬تعليم‭ ‬ابنائنا‭ ‬السذاجة‭ ‬والتفاهة‭ ‬وقتل‭ ‬الوقت‭ ‬الثمين‭ ‬بل‭ ‬وحتى‭ ‬القتل‭ ‬ولارتكاب‭ ‬الحرائق‭ ‬الاخلاقية‭ ‬بحجة‭ ‬الميل‭ ‬الى‭ ‬تقليد‭ ‬المنتج‭ ‬التكنولوجي‭ ‬والمحدث‭ ‬الغربي‭ ‬وتحت‭ ‬مظلة‭ ‬وتبرير‭ ‬حرية‭ ‬التعبير‭  ‬حرية‭ ‬التعبير‭ ‬مفهوم‭ ‬عظيم‭ ‬وواسع‭ ‬ومختص‭ ‬باصحاب‭ ‬الخطابات‭ ‬العظمى‭ ‬وليس‭ ‬بصناع‭ ‬المحتويات‭ ‬الهابطة‭ ‬والمدمرة‭ ‬والتي‭ ‬من‭ ‬شأنها‭ ‬خلق‭ ‬جيل‭ ‬تافه‭ ‬وهابط‭ ‬غير‭ ‬متزن‭ ‬ثقافيا‭ ‬ولا‭ ‬معرفيا‭.‬


مشاهدات 577
أضيف 2023/04/28 - 11:32 PM
آخر تحديث 2024/07/17 - 12:26 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 269 الشهر 8258 الكلي 9370330
الوقت الآن
الجمعة 2024/7/19 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير