فاتح عبد السلام
أحياناً، يصادفني أحد الباعة في محل كبير، يضطر لإرجاع بقية المبلغ للسلعة المباعة من خلال دفع ثمانية أو تسعة جنيهات استرلينية بالعملة المعدنية وقد تتخللها بعض القطع من فئات اقل كنصف باوند او عشرين بنساً، وأراه يعتذر منتظر رد فعلي في قبول اعتذاره او رفض استلام العملة من الفئات المعدنية. وقد يتحملك سائق التاكسي إذا أعطيته بضعة جنيهات معدنية اذا كان المبلغ المدفوع ورقياً عشرين أو ثلاثين جنيها. لكن من المستحيل أن يقبل السائق من أحد الركاب ثلاثين جنيها من فئة نصف جنيه ولا أقول من فئة خمسة بنسات فذلك أمر يثير غضباً قد يتطور الى رمي السائق بالعملات المعدنية في وجه الزبون اذا تأكد انّ الراكب تعمد فعل ذلك.
هناك قصص على مواقع التواصل الاجتماعي منتجة بطريقة ذكية في ايراد معلومات من الصعب التأكد الفوري من صحتها، لكنها تنتشر بسرعة، وقد لا يكون هناك مَن هو معني بتكذيبها أو طلب تصحيحها. تذكرت ذلك، وأنا اقرأ حكاية معزّزة بصورة، تقول ان شركة آبل المنتجة لهواتف الآيفون خسرت في العام 2012 معركة قضائية مع شركة سامسونج واضطرت ان تدفع لها مبلغ مليار دولار، فأرسلت لها المبلغ بثلاثين شاحنة تحتوي على مليار دولار بالكامل من فئة خمسة سنتات معدنية، والدولار الواحد يتكون من مائة سنت. وهذا الدفع كان نوعا من التعبير عن السخط والحنق ومحاولة رد الغرامة القضائية بتصرف مهين. برغم خيالية القصة الا انّ لها جمهوراً واسعاً ومن أكثر من لغة، ويجري تداولها، وكأنّ دفع الغرامات التي يقررها القضاء يكون نقدا وبشكل مباشر، وليس من خلال مكاتب المحاماة وعبر حسابات بنكية ، اذ يعد التعامل نقدا بمبالغ كبيرة ربما تزيد عن عشرة آلاف دولار او جنيه إسترليني أحيانا نوعا من الأمور الخاضعة للتحقيق والاستفسار عن مصادر هذا المال ولماذا لم يخرج من حساب بنكي، فكيف بمليار دولار؟ والأجمل هو الصورة التي تظهر فيها الشاحنة وهي تفرغ حمولتها من العملات المعدنية الصغيرة مثل الحصى في موقع بناء.
وبالمناسبة، حتى في العراق، لنتخيل انك تذهب لشراء سيارة وتدفع لصاحب معرض السيارات خمسين أو مائة مليون دينار عراقي بعملة من فئة” الربع” المائتين والخمسين ديناراً.
ما يتم نشره على التواصل الاجتماعي بحاجة الى قوانين تلزم التحقق من صحته، ليس من باب الأمن والحكومات والسياسة وانما في أبواب تخص الذوق العام والمعلومات المتسقة مع العقل البشري.
رئيس التحرير-الطبعة الدولية