الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
من‭ ‬اندرية‭ ‬مالرو‭ ‬وتشرتشل الى‭ ‬بغداد

بواسطة azzaman

من‭ ‬اندرية‭ ‬مالرو‭ ‬وتشرتشل الى‭ ‬بغداد

عباس الحسيني

 

أثنى‭ ‬صاحب‭ ‬المذكرات‭  ‬الأشهر،‭ ‬اندريه‭ ‬مالرو،‭ ‬الدبلوماسي‭ ‬والأديب‭ ‬الفرنسي‭ ‬على‭ ‬كتيب‭ ‬تشرشل‭ ‬الشهير‭ ‬المذكرات‭ ‬،و‭ ‬الذي‭ ‬فاز‭ ‬به‭ ‬بجائزة‭ ‬نوبل‭ ‬كجنس‭ ‬ادبي،‭ ‬حيث‭ ‬التحليل‭ ‬الدقيق‭ ‬للبنية‭ ‬الاجتماعية‭ ‬في‭ ‬براطيانيا‭ ‬وأوروبا‭ ‬قبيل‭ ‬اندلاع‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الاولى‭ ‬،‭ ‬وفي‭ ‬تضمين‭ ‬أخاذ‭ ‬يقارن‭ ‬في‭ ‬مقالاته‭ ‬عن‭ ‬اقدام‭ ‬مواطني‭ ‬المدن‭ ‬البريطانية‭ ‬على‭ ‬الدراسة‭ ‬في‭ ‬لندن‭ ‬حصرا‭ ‬،‭ ‬دون‭ ‬عن‭ ‬بقية‭ ‬المدن‭ ‬البريطانية‭ ‬ذات‭ ‬الشهرة‭ ‬الواسعة‭ ‬في‭ ‬ليفربول‭ ‬ومانشستر‭ ‬وادنبره‭ ‬وغيرها‭ ‬،‭ ‬حيث‭ ‬يؤكد‭ ‬على‭ ‬أن‭  ‬ينال‭ ‬الطالب‭ ‬وعيا‭ ‬وثقافة‭ ‬أرستقراطية‭ ‬تمهد‭ ‬له‭ ‬طريق‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬المجتمع‭ ‬العلمي‭ ‬والاكاديمي،‭ ‬ونحن‭ ‬اذ‭ ‬نرى‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬بغداد‭ ‬اليوم‭ ‬،‭ ‬التي‭ ‬بدأت‭ ‬تتريف‭ ‬،‭ ‬متحولة‭ ‬إلى‭ ‬قرية‭ ‬كبيرة‭ ‬ملئى‭ ‬باللهو‭ ‬والمولات‭ ‬والشوارع‭ ‬المضيئة‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬السلوك‭ ‬الإنساني‭ ‬وصور‭ ‬الناخبين‭ ‬التي‭ ‬توحي‭ ‬لنا‭ ‬بالتخلف‭ ‬والتشرذم‭ ‬والقروية‭ ‬المهيضة‭ ‬،‭ ‬لا‭ ‬القروية‭ ‬التراث‭ ‬،‭ ‬هؤلاء‭ ‬المرشحون‭ ‬المندفعون‭ ‬بقوة‭ ‬الصاروخ‭ ‬إلى‭ ‬ملء‭ ‬الفراغ‭ ‬السياسي‭ ‬بالكذب‭ ‬والنفاق‭ ‬والفساد‭ ‬والجهل‭ ‬ونهب‭ ‬ما‭ ‬تبقى‭ ‬من‭ ‬قوت‭ ‬الفقراء‭ ‬،‭ ‬عالم‭ ‬لندن‭ ‬القديم‭ ‬،‭ ‬لا‭ ‬يشبه‭ ‬وجه‭ ‬بغداد‭ ‬التي‭ ‬اراد‭ ‬لها‭ ‬البريطانيون‭ ‬ان‭ ‬تكون‭ ‬لندن‭ ‬الشرق‭ ‬،‭ ‬بغداد‭ ‬التي‭ ‬كتبت‭ ‬اجاثا‭ ‬كريستي‭ ‬جل‭ ‬لواعجها‭ ‬بها،‭ ‬بغداد‭ ‬الجمال‭ ‬والبهاء‭ ‬والتنوع‭ ‬البشري‭ ‬تترييف‭ ‬وتتحول‭ ‬إلى‭ ‬قرية‭ ‬مسحوقة‭ ‬ومدججة‭ ‬بالسلاح‭ ‬والتجمعات‭ ‬العسكرية‭ ‬ونفور‭ ‬اهلها‭ ‬والغرباء‭ ‬عنها‭ ‬،‭ ‬بغداد‭ ‬التي‭ ‬اثقلها‭ ‬هم‭ ‬العروبة‭ ‬والقومية‭ ‬والدين‭ ‬والتاريخ‭ ‬هي‭ ‬اليوم‭ ‬خارج‭ ‬العروبة‭ ‬المزيفة‭ ‬التي‭ ‬اشتركت‭ ‬في‭ ‬قتل‭ ‬بغداد‭ ‬ذات‭ ‬حروب‭ ‬،‭ ‬وبغداد‭ ‬اليوم‭ ‬خارج‭ ‬مديات‭ ‬الوعي‭ ‬والثقافة‭ ‬العالمية‭ ‬وخارج‭ ‬سير‭ ‬الفرح‭ ‬،‭ ‬اذ‭ ‬يحاول‭ ‬العراقيون‭ ‬انفسهم‭ ‬قتل‭ ‬بغداد‭ ‬بالتجاوز‭ ‬على‭ ‬شوارعها‭ ‬وحدائقها‭ ‬وقبورها‭ ‬وتاريخها‭ ‬ولهجتها‭ ‬وطعامها‭ ‬ونمط‭ ‬حيتها‭ ‬،‭ ‬بغداد‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬مسرحا‭ ‬لفيروز‭ ‬ولم‭ ‬تعد‭ ‬منصة‭ ‬شعر‭ ‬ولا‭ ‬حتى‭ ‬مشفى‭ ‬للجراح‭ ‬،‭ ‬بغداد‭ ‬اليوم‭ ‬قرية‭ ‬كبيرة‭ ‬تتسع‭ ‬للجميع‭ ‬الا‭ ‬ابنائها‭ ‬،‭ ‬وتطعم‭ ‬الجميع‭ ‬إلا‭ ‬ابناء‭ ‬جذورها‭ ‬،‭ ‬بغداد‭ ‬تقتل‭ ‬باسم‭ ‬الديمقراطية‭ ‬،‭ ‬بغداد‭ ‬تغتال‭ ‬باسم‭ ‬السياسة‭ ‬والانتخاب‭ ‬والسلطة‭ ‬الغاشمة‭ ‬،‭ ‬والذين‭ ‬يغتالون‭ ‬بغداد‭ ‬انما‭ ‬يغتالون‭ ‬مستقبلهم‭ ‬ومستقبل‭ ‬ابنائهم‭ ‬وأحفادهم‭ .  ‬


مشاهدات 450
الكاتب عباس الحسيني
أضيف 2023/12/06 - 3:29 PM
آخر تحديث 2024/06/28 - 6:13 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 404 الشهر 11528 الكلي 9362065
الوقت الآن
الأحد 2024/6/30 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير