الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
الثامن‭ ‬عشر‭ ‬من‭ ‬كانون‭ ‬الأول

بواسطة azzaman

الثامن‭ ‬عشر‭ ‬من‭ ‬كانون‭ ‬الأول

فاتح‭ ‬عبد‭ ‬السلام‭ ‬

تكذب‭ ‬جميع‭ ‬الحكومات‭ ‬العربية‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬استثناء‭ ‬إذا‭ ‬ادعت‭ ‬يوماً‭ ‬انها‭ ‬عملت‭ ‬شيئاً‭ ‬من‭ ‬اجل‭ ‬انجاز‭ ‬نوعي،‭ ‬لها‭ ‬ان‭ ‬تعلنه‭ ‬في‭ ‬اليوم‭ ‬العالمي‭ ‬للغة‭ ‬العربية‭ ‬الذي‭ ‬يوافق‭ ‬في‭ ‬الثامن‭ ‬عشر‭ ‬من‭ ‬شهر‭ ‬كانون‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬عام،‭ ‬اذ‭ ‬العالم‭ ‬ينظر‭ ‬الى‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬يومها‭ ‬الدولي‭ ‬الاممي‭ ‬الكبير،‭ ‬وهي‭ ‬تقف‭ ‬ضعيفة‭ ‬بالكاد‭ ‬يستر‭ ‬عريها‭ ‬مثقف‭ ‬هنا‭ ‬ومعلم‭ ‬هناك‭ ‬وجهة‭ ‬بعيدة‭ ‬او‭ ‬قريبة‭ ‬ترعى‭ ‬العربية‭ ‬بجهود‭ ‬باتت‭ ‬شبه‭ ‬فردية‭.‬

‭ ‬تاريخ‭ ‬،‭ ‬يجب‭ ‬ان‭ ‬نعمل‭ ‬من‭ ‬اجل‭  ‬تكبير‭ ‬عناوينه‭ ‬في‭ ‬ذاكرة‭ ‬الشعوب‭  ‬الأخرى‭ ‬،‭ ‬لكنه‭ ‬يمر‭ ‬تحت‭ ‬دخان‭ ‬الأنظمة‭ ‬العربية‭ ‬المنشغلة‭ ‬بألعابها‭ ‬السياسية‭ ‬وفبركاتها‭ ‬في‭ ‬كتابة‭ ‬تاريخ‭ ‬مزيف‭ ‬للأمة‭ ‬التي‭ ‬تكاد‭ ‬تفقد‭ ‬ذات‭ ‬يوم‭ ‬أبرز‭ ‬مقومات‭ ‬وجودها‭ ‬وهو‭ ‬اللغة‭ ‬العربية‭ ‬،‭ ‬وقد‭ ‬بات‭ ‬التحدث‭ ‬بها‭ ‬نخبويا‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬ضيقة‭ ‬تحت‭ ‬موجات‭ ‬الاعلام‭ ‬المرئي‭ ‬الفاقد‭ ‬لشروط‭ ‬النضج‭ ‬والهوية‭ ‬والاصالة،‭ ‬بعد‭ ‬ان‭ ‬سادت‭ ‬اللهجات‭ ‬واللغات‭ ‬البائدة‭ ‬المعجونة‭ ‬بسقط‭ ‬متاع‭ ‬“التغريب”‭ ‬الذي‭ ‬نلتقطه‭ ‬متناسين‭ ‬انّ‭ ‬الأمم‭ ‬الغربية‭ ‬المتقدمة‭ ‬تولي‭ ‬أقصى‭ ‬اهتمامها‭ ‬للغاتها‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تمتلك‭ ‬الثراء‭ ‬اللغوي‭ ‬العظيم‭ ‬للمعجم‭ ‬العربي‭.‬

في‭ ‬العراق‭ ‬،‭  ‬يتساءل‭ ‬المرء‭ : ‬مَن‭ ‬يفكر‭ ‬بهذا‭ ‬اليوم‭ ‬العالمي‭ ‬،‭ ‬ومَن‭ ‬يعمل‭ ‬من‭ ‬أجله‭ ‬في‭ ‬النطاق‭ ‬المحلي‭ ‬أو‭ ‬الدولي‭ ‬،‭ ‬وزارة‭ ‬الثقافة‭ ‬وهي‭ ‬بالكاد‭ ‬تقرأ‭ ‬وتكتب،‭ ‬أم‭  ‬اقسام‭ ‬اللغة‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬الجامعات‭ ‬وهي‭ ‬أحوج‭ ‬ما‭ ‬تكون‭ ‬الى‭ ‬مقوّم‭ ‬لغوي،‭ ‬أم‭ ‬الأحزاب‭ ‬التي‭ ‬تتنكر‭ ‬للعروبة‭ ‬وما‭ ‬يتصل‭ ‬بها‭ ‬بوصفها‭ ‬سُبّة‭ ‬يجب‭ ‬التخلي‭ ‬عنها‭ ‬لصالح‭ ‬هويات‭ ‬أخرى،‭ ‬متجاهلين‭ ‬انّ‭  ‬الإسلام‭ ‬ذاته‭ ‬مادته‭ ‬الأساسية‭ ‬هي‭ ‬العربية‭ ‬ومدى‭ ‬رسالته‭ ‬الإنسانية‭ ‬،ومن‭ ‬هنا‭ ‬كانت‭ ‬اللغة‭ ‬العربية‭ ‬لقرون‭ ‬لغة‭ ‬الحضارة‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬اصداؤها‭ ‬في‭ ‬علم‭ ‬الجبر‭ ‬والهندسة‭ ‬والطب‭ ‬والفلك،‭ ‬تتردد‭ ‬عن‭ ‬جدارة‭ ‬في‭ ‬بقاع‭ ‬الأرض،‭ ‬وما‭ ‬زالت‭ ‬الجامعات‭ ‬الكبرى‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬تتعمق‭ ‬في‭ ‬دراسة‭ ‬مصطلحات‭ ‬ابن‭ ‬الهيثم‭ ‬والزهراوي‭ ‬والخوارزمي‭ ‬والرازي،‭ ‬وتقف‭ ‬اجلالاً‭ ‬لعلمهم‭ ‬الابتكاري‭ ‬الرائد‭ ‬الذي‭ ‬لولاه‭ ‬لما‭ ‬عرفت‭ ‬البشرية‭ ‬اليوم‭ ‬الكومبيوتر‭ ‬أو‭ ‬الصواريخ‭ ‬بالغة‭ ‬الدقة‭ ‬أو‭ ‬الطيران‭ ‬وعمليات‭ ‬القلب‭ ‬المفتوح‭. ‬تلك‭ ‬هي‭ ‬الحقيقة‭ ‬في‭ ‬انَّ‭ ‬أصل‭ ‬العلوم‭ ‬في‭ ‬تطورها‭ ‬العميق‭ ‬كان‭ ‬عند‭ ‬العرب‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬اضاءات‭ ‬الحضارات‭ ‬البابلية،‭ ‬والسومرية،‭ ‬والمصرية،‭ ‬واليونانية‭.‬

اللغة‭ ‬ليست‭ ‬مفردات‭ ‬ومصطلحات‭ ‬ومعاجم‭ ‬وتراكيب‭ ‬إعرابية‭ ‬وقواعد‭ ‬صرفية‭ ‬وحسب،‭ ‬هي‭ ‬نبض‭ ‬حياة‭ ‬الامة‭ ‬لكي‭ ‬تستمر‭ ‬في‭ ‬العيش‭ ‬والعطاء‭. ‬حين‭ ‬نفقد‭ ‬لغتنا‭ ‬نكون‭ ‬أمة‭ ‬خرساء،‭ ‬فوق‭ ‬الخرس‭ ‬الذي‭ ‬كمّموا‭ ‬به‭ ‬أفواه‭ ‬الملايين‭ ‬لصالح‭ ‬حكومات‭ ‬فاسدة‭ ‬وبرلمانات‭ ‬ملوثة‭ ‬وزعامات‭ ‬من‭ ‬ورق‭ ‬بال‭.‬

 

رئيس التحرير-الطبعة الدولية

fatihabdulsalam@hotmail.com


مشاهدات 840
الكاتب فاتح‭ ‬عبد‭ ‬السلام‭ ‬
أضيف 2023/12/19 - 2:38 PM
آخر تحديث 2024/12/04 - 3:35 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 77 الشهر 1834 الكلي 10057929
الوقت الآن
الخميس 2024/12/5 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير