الشهادة تأييد أو إقرار لحاملها أو المتعاملين معها بأن صاحبها يمتلك من معارف ومهارات معينة تشير لها أو تتضمنها تلك الوثيقة التي تصدر عن جهة مخولة بمنحها وموقعة من ممثلها ومختومة بختمها.
وبحسب تلك الشهادات تتباين المعارف والمهارات، وهي بالتالي يجب أن تكون تعبيراً عن القدرة على تفسير شيء أو القيام بعمل ما مفيد، وبعكسه يصبح لا فائدة منها.
ومع تطور حاجات الحياة للمعارف والمهارات وبالتالي تطور القدرات المطلوبة لاشباعها تصبح الشهادات في قيمتها رهينة الاستجابة لذلك. بيد أن الأمر في واقع الحياة ليس بتلك الحدية بالتعامل مع حاملي شهادات كانت تعبر وقت منحها عن قيمة إنجازية.
من ناحية أخرى يخطىء كثيرون بأن الحصول على شهادة ما هو نهاية المطاف في الحصول على مؤهل انجازي، في حين أن هذه الشهادة لا تشكل سوى الأساس الذي سيقوم عليه بناء.
هذا البناء تعزز قدراته الممارسة العملية والاستفادة من خبرات الآخرين، من جانب، والاستمرار في تعلم ما يستجد في مجال الشهادة من معرفة ومهارة. هذا هو الطريق الصحيح لتعزيز قيمة الشهادة، وغيرها من طرق لا تشكل سوى سبيلاً الى لقب وظيفي ومرتبة اجتماعية ودرجة في سلم الرواتب وفق ظروف ومعطيات معينة.
وفي جميع دول العالم تنقسم أسواق العمل وتتفاوت حسب أنظمتها السياسية والاقتصادية، وكذلك التزامها بتوظيف حملة الشهادات. ففي بلدان الادارة المركزية أو الريعية غالباً ما يجري التوظيف على أساس حمل اوراق الشهادات وكذلك تحديد رواتبها ومكافآتها ومواقع عملها، في حين يختلف الأمر في دول السوق الحرة، لا سيما في قطاعها الخاص الغالب، مع توظيف حملة الشهادات. ففي حين يحدد التوظيف على الشهادة ذاتها في الانظمة الأولى، تؤخذ القدرات والقابليات الانجازية في الانظمة الثانية بالدرجة الأساس.
ان جنوح أسس ومعايير التوظيف حسب الشهادة الى القدرات الانجازية تطرح تساؤلات صعبة على الساسة والاقتصاديين وعلى حملة الشهادات انفسهم كذلك وعلى مؤسسات منحها:
ماذا تعني شهادتي التي لم أعد من انجاز شيء ذو قيمة ربحية بموجبها؟
كيف تتعامل الادارات السياسية والاقتصادية مع جيوش حملة الشهادات ذات المعارف والمهارات البائرة؟
ماذا يمكن القيام به من أجل “تفعيل” المعارف القديمة والمهارات الكسولة؟
هل ان مؤسساتنا التعليمية والتدريبية بامكانات اساتذتها ومدربيها ومناهجها بالقادرة على انتاج مخرجات تلبي متطلبات السوق المتطورة من معارف ومهارات وقدرة على التطور والابداع والابتكار المستمرة؟
واخيراً، ماذا عن حملة الشهادات ممن لم يعد قادراً على مواكبة مستجدات المعرفة و المهارات المطلوبة؟
انها تساؤلات مرة لأعداد كبيرة من حملة الشهادات!