فاتح عبد السلام
من دون أن أدخلكم في تفاصيل كثيرة قد لا تعني أحداً، الا انّ الملخص هو اتفاق الاتحاد الأوربي على قانون جديدة للهجرة واللجوء، يشطب بالكامل على اكثر من أربعين سنة من تاريخ في التساهل لاستقبال اللاجئين ومعظمهم من الدول العربية وافريقيا.
طفح الكيل لدى البلدان الاوربية، كما قال سياسي نمساوي ذات يوم، ولم يعد بالإمكان تحمل الأعباء الجديدة من حيث الثقافات والعادات والأديان المختلفة لمجاميع من البشر متفاوتة الأسباب في البحث عن مجال آمن لإكمال حياتها فيه.
لم تسجل في أوربا حالة واحدة، ماعدا استثناءات نادرة جدا، أن طلب مواطن أوربي التخلي عن بلده والذهاب الى بلد عربي او إسلامي او افريقي للعيش فيه كخيار انساني .
البلدان التي تفجّرت فيها الحروب، والتي جرى تصدير الحروب اليها، من كل الأنواع العسكرية أو الفوضوية أو الاقتصادية هي المنبع الأساس لتوريد اللاجئين الى العالم.
لولا مشاكل دفينة وعميقة في بنية التفكير السياسي والاستراتيجي لما قام الاوربيون منذ ثلاث سنوات في الدخول في هذه المفاوضات الشاقة التي أفضت الى قانون جديد للهجرة. من أبرز تلك المشاكل هي قضية التطرف الديني التي يعزوها الغرب الى عدم تقبل الاخر ورفض الاندماج في المجتمعات الغربية، بالرغم من انّ ذلك الشخص هو طالب لجوء أو ربّما متجنس في البلد الأوربي ويتقاضى مساعدات مالية للعيش. الغرب توقّف طويلاً عند هذا التناقض، ووجد انّ الأمور تتجه الى زيادة سكانية في أوساط الجاليات لا تتناسب مع انخفاض حاد في معدلات الولادة عند أبناء البلدان الاصلية، وانه بعد خمسين سنة ستكون الأغلبية في بعض المدن او ربّما العواصم لصالح الذين قدموا مع ابائهم من بلدان عربية وإسلامية وطلبوا اللجوء فيها، كما في عواصم عربية اختل التوازن فيها بسبب نزوح متكرر من المحافظات والاستقرار فيها بما يفوق عدد سكانها الاصليين. في المقابل هناك من يرى ان الغرب سبب أزمات جوهرية في بلداننا تفرز مزيداً من اللاجئين والهاربين من أوطانهم.
تبقى مسألة اللجوء السياسي ورقة قد تنشط مع الازمات الغربية مع أي من تلك البلدان المصدرة للاجئين.
أوروبا تدرك انه من الصعب السيطرة على البحار المفتوحة التي تقذف قواربها كل يوم مئات اللاجئين على سواحلها، لذلك شرّعت القانون الذي يحد من طموح اللاجئ في التوجه الى بلد دون غيره، وجعل ملفه محصورا بيد اول دولة يصلها ليبت في قبوله او رفضه واعادته الى بلده. من هنا ستتحمل الدول المحاذية للبحار في جنوب القارة الأعباء الأكبر في تلقي موجات المهاجرين، وتلك مسألة يحاول الاتحاد الأوربي التعامل معها بالتنسيق الثنائي مع تلك الدول فضلا عن الإفادة المتاحة من معطيات القانون الجديد.
رئيس التحرير-الطبعة الدولية