الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
الرئيس والدستور ومفهوم الشخصية الإعتبارية ؟

بواسطة azzaman

الرئيس والدستور ومفهوم الشخصية الإعتبارية ؟

اريان ابراهيم شوكت

من المسلّم به أن ارتقاء الثقافة في أية أمة من الأمم، يعتبر السبيل السليم إلى تكوين نخب سياسية منبثقة عن أحزاب سياسية مؤهله لتولي الحكم وقيادة البلاد قيادة حكيمة ورشيدة. ولكننا لاحظناأن الدكتاتوريات الشمولية في بعض البلدان العربية والشرق أوسطية عندما تولت الحكم حطّتمن قيمة الثقافة الانسانية وذلك من خلال فرض الرقابة على الأنشطة وكافة المرافق الحياتيةوالجامعية والفكرية. واحتكار معظم وسائل الإعلام وفرض رقابة صارمة عليها. واعتبار أن لا عقليفكر في البلد غير عقل النظام، ولا رأي سياسياً أو اقتصادياً أو اجتماعياً أو ثقافياً يسود غير رأيالنظام. وفرض فكر الدولة العسكرية على مناهج التعليم في المراحل المختلفة. والقيام بعمليةتطهير واسعة النطاق لمعظم الأكاديميين الليبراليين، وتفريغ المجتمع المدني إن كان قائماً ومؤسساته منهم. ان التعددية السياسية أسلوب من أساليب التعامل السياسي تأخذ بـه كثيرمن الدول المتقدمــة سياسياً ، وهو أفضل وقاية من أعمال العنف والثورات الشعبية ضـد الحكمالفردي وبالتعددية السياسية يتم التداول على السلطة من قبل الأحزاب السياسية بواسطة الانتخابات ، كما يجري في الولايات المتحدة الأمريكية ، ودول أوربا الغربية.  والتعددية مظهر منمظاهر الحداثة السياسية، ونقصد بها أولا وجود مجال اجتماعي وفكري يمارس الناس فيه الحرب بواسطة السياسة، أي بواسطة الحوار والنقد والأخذ والعطاء، وبالتالي التعايش فيإطار من السلم القائم على الحلول الوسطى المتنامية ... وبما إن طبيعة الحياة السياسية فيبعض بلدان العالم العربي والشرق الاوسط هي عبارة عن حياة رعوية قائمة على أساس وجود طرفين في المعادلة هما الراعي والرعية ، الراعي هو الحاكم السياسي المتمسك بالسلطة والذييرأس السلطة السياسية ، والرعية هم الشعب ، وفي هذا النموذج تنتفي الحاجة إلى وجود تعددية سياسية لان الراعي (الحاكم السياسي ) هو مفروض في قيادة الرعية والرعية مطالبة بالطاعة والخضوع . وبذلك فان الخطاب المستخدم في هذه العلاقة (علاقة الراعي بالرعية ) هو خطاب أمرونهي والجواب المقبول هو الامتثال والقبول. ونتيجة لذلك فان مسالة التداول السلمي على السلطة أصبحت مستحيلة في بعض الدول العربية كما يحدث في سوريا وحدث في ليبيا وتونسواليمن لان الحاكم بسياساته يمنع مثل هكذا أمر ، بل يسعى دائماً إلى تصفية خصومها السياسيين لغرض ضمان بقاء نفوذه السياسي إلى أطول فترة ممكنة كما أن أغلب المشكلات بينأطراف المعادلات السياسية في البلدان العربية تنشأ من محاولة الإقصاء من الأطياف السياسية ووجود نوايا لدى كل طرف لإقصاء الآخر لا للتعامل معه على أساس القاعدة الوطنية والتلاقي عبر الملفات المشتركة والمطالب الموحدة . ويرى المهتمون بالشإن السياسي أن المقصود بالتداول السلميللسلطة هو "التعاقب الدوري للحكام على سدة الحكم تحت صيغ الانتخابات ، حيث يمارس هؤلاء الحكام المنتخبون اختصاصاتهم الدستورية لفترات محددة سلفاً.  وبذلك فان اسم الدولة لا يتغيرولا يتبدل دستورها ولا تزول شخصيتها الاعتبارية نتيجة تغير الحاكم أو الأحزاب الحاكمة . وعليه فان السلطة من وجهة نظرهم هي " اختصاص يتم ممارسته من قبل الحاكم بتفويض من الناخبينوفق أحكام الدستور. ويشير المهتمون بعلم السياسة الى انه "لايمكن الحديث عن بناء دولةديمقراطية مالم يكن هناك اعتراف بحق جميع التيارات والأحزاب السياسية أن تتبادل مواقع الحكموالمعارضة داخل الدولة ".

والوسطية .. هي الحل الأمثل للتعبير عن إمكانية المزاوجة بين (الانظمة الدكتاتورية ) و ( الانظمة الديمقراطية ) بإستخدام نظام يميل الى ( الوسطية)  و( الاعتدال ) لا الىالتطرف في المواقف ، اذ ان أي تطرف نحو المغالاة في تطبيق انظمة دكتاتورية او ليبرالية ديمقراطية متحررة أكثر من اللازم يعود بإضرار على العملية السياسية وبخاصة في دولنا التيتحسب على ما يسمونه بالدول النامية ، أو دول العالم الثالث التي ما زالت تجـــــــــاربها تحبوب اتجاه الديمقراطية رغم تمسك العديد من انظمتها بالحكم الاحادي أو الفردي.

علاقات متوازنة

وتداعيات المشهد السياسي في تونس وسوريا وليبيا واليمن أثبتت هذه الحقائق دون أدنى شك فقد جاءت الديكتاتوريات العسكرية في هذه الدول بقيم سياسية وثقافية، تختلف عن قيم المجتمع المدني مثلا الحرية والديمقراطية والمساواة والسلام، في حين كانت قيم هذه الديكتاتوريات العسكرية هيالطاعة المطلقة والجبروت ومسايرة الترويع. اضافة الى رفضهم لمجموعة المنجزات الثقافة والسياسية والاجتماعية للحضارات المتقدمة وأن المجتمع المدني في نظرهم فقط تعبير أمريكيليس موجودا إلا في أمريكا؟! ، واعتبروها من مظاهر الاستعمار حتى"كل ما قدمه الانكليز والفرنسيون أيام استعمارهم لمصر وبلاد الشام من إيجابيات أصبح مشبوهاً ومتهماً ؟! لان هذه الانظمة تعاني من عدم تأهيلها علمياً وثقافياً وسياسياً لمثل المهام الصعبة التي تولتها أثناءحكمها. وما تقوم بها الانظمة الشمولية من إصلاحات جزئية عندما تتولى الحكم، لا يتعدى أنيكون خدمة لمصالحها وبقائها في الحكم أطول مدة ممكنة. فلقد أحالت بعض الانظمة التي حكمتأجزاء من العالم العربي طوال نصف قرن مضى وما يزال بعضها في الحكم حتى الآن بحيث تحولبعض البلدان العربية إلى دول بدون استراتيجيات ؟ ومن خلال هذه الأضرار، وأضرار أخرى كثيرة لحقت بالمجتمع العربي خلال النصف الأول من القرن العشرين وما زال هذا المجتمع يتجرّع كؤوس المرارة من الانظمة الشمولية نرى أن الضرر قد لحق كثيراً بالشعوب العربية وبعض الشعوب التي عاشت جنبا الى جنب مع الاخوة العرب واختلطت بروحية التآخي والتعايش السلمي وبرحابة صدر مع الشعب العربي الشقيق كالشعب الكردي  بحيث أصبحت شخصيات وتاريخ هذا الشعب جزءا مهما من نسيج  التاريخ الديني والاجتماعي والفكري والسياسي للتاريخ الاسلامي والتاريخ العربي مثل صلاح الدين الايوبي والصحابي الجليل دابان الكردي وابن صلاح الشهرزوري وابن خلكان واحمد شوقي ومعروف الرصافي والزهاوي ومحمد كرد علي وأصول عائلة الاطرش وبكر صدقي وخالد بگداش وغيرهم وغيرهم والقائمة تطول؟؟

ولعل الفشل الذيشاهدناه في النصف الثاني من القرن الماضي إضافة إلى ما نشاهده الآن، قد كان من الأسباب الرئيسية لفشل بعض الدول العربية بعد الاستقلال في تحقيق الطموحات والآمال الوطنية في الحرية والديمقراطية وقد أوقع هذا الجهل بالسياسة القيادات في بعض الدول العربية في مآزقومطبات سياسية مختلفة، بحيث كلّفت شعوبها خسائر مادية واقتصادية وسياسية وبشرية هائلةكما حدث منذ تأسيس الدولة العراقية قبل مئة عام وحتى الان ؟وكانت النتيجة ان الشعوب العربيةوقفت بحزم ضد حكوماتها القابعة على صدر شعوبها بالحديد والنار وقامت باشعال الثورات كمارأيناها في أحداث الربيع العربي ضد الحكومات التي لا تتنازل عن مقاليد الحكم طوعا.

اسباب اقتصادية

بأية حال ان الظروف الموضوعية لهذه الثورات هي أزمة الانظمة العربية والتي ولّت زمانها والمقدمات الموضوعية للثورة ليس فقط الأسباب الإقتصادية، بل الظروف الإجتماعية والسياسية كذلك ، انثورة الجماهير في هذه البلدان مدعوة إلى تحقيق التحولات الجذرية في الميادين الرئيسية للحياة الإجتماعية وفي الاقتصاد والسياسة. والخلاصة هي أن التعدد السياسي في كل بلد هو الذيينبع تلقائيا من حاجات المجتمع، ويعكس اختلاف المصالح، وتباين التوجهات السياسية، والبرامج الاقتصادية والاجتماعية، وهو من مقومات البناء الديمقراطي السليم، ومن الشروط التييؤدي توفرها لتداول السلطة، غير أن كثرة الأحزاب لا تعكس بالضرورة تعددا سياسيا حقيقيا، ولايؤدي التعدد الغاية المتوخاة منه في النظام الديمقراطي في غياب التنافس المتكافئ بين أحزابسياسية لها مقومات الوجود الفعلي، ولا يبقى أي معنى للتعدد السياسي وتنافس الأحزاب في الانتخابات إذا لم تكن إرادة الناخبين هي مناط السلطتين التشريعية والتنفيذية.


مشاهدات 606
أضيف 2022/07/02 - 12:07 AM
آخر تحديث 2024/07/15 - 6:49 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 401 الشهر 7969 الكلي 9370041
الوقت الآن
الخميس 2024/7/18 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير