الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
العراق وصراع الديمقراطية‮ ‬والأقوياء

بواسطة azzaman

العراق وصراع الديمقراطية‮ ‬والأقوياء

محمد حسن الساعدي

لحديث عن الديمقراطية طويل وشائك‮ ‬،‮ ‬ولا بد لنا أن نركز على العلاقة التي‮ ‬تربط الحاكم بالمحكوم‮ ‬،‮ ‬وما‮ ‬ينتج عنها من إشكاليات كثيرة‮  ‬ملموسة و فاعلة للأخذ بها منهجا للحكم‮ ‬،‮ ‬ففي‮ ‬ضوء الأوضاع التي‮ ‬تعيشها الأنظمة الحاكمة في‮ ‬الدول العربية‮ ‬،‮ ‬لا بد من الحديث عن الأشكال المختلفة التي‮ ‬تتخذها الديمقراطية في‮ ‬التطبيق‮ ‬،‮ ‬حيث‮ ‬يجب توفر المكونات الأساسية لتطبيقها و أهمها حقوق المواطن الأساسية التي‮ ‬تحدث عنها الإعلان العالمي‮ ‬لحقوق الإنسان ؛ و أهمها الحقوق الاجتماعية كحق العمل و التعليم و الصحة و الرعاية الاجتماعية‮ .‬وممارسته لهذه الحقوق تجعله مشاركا فعلا في‮ ‬وضع القرارات التي‮ ‬تمسه على مختلف المستويات‮ . ‬أما المكون الأخر من مكونات الديمقراطية فهو التعددية السياسية حيث تعطى القوى السياسية حقها في‮ ‬التعبير عن وجودها بالمشاركة في‮ ‬الانتخابات،‮ ‬ويفترض منح الفرص أمام تعدد الاتجاهات السياسية التي‮ ‬يختار المواطن من بينها من‮ ‬يمثله.الصراع القائم اليوم في‮ ‬العراق هو صراع البقاء بين ديمقراطية فتية تحاول أن تثبت نفسها،‮ ‬لتبني‮ ‬للأجيال مستقبلها،‮ ‬وبين صراع مرير على السلطة،‮ ‬هذا الصراع مميت،‮ ‬فالجبابرة‮ ‬يحاولون أن‮ ‬يسقطوا الديمقراطية بالضربة القاضية،‮ ‬ويتمكنوا من السيطرة على مفاتيح الحل والعقد في‮ ‬السياسية،‮ ‬والأخيرة تحاول ان تبني‮ ‬لها مرتكزاً‮ ‬في‮ ‬بناء الدولة،‮ ‬ولكنها تجد الصعوبة في‮ ‬مقامة التسلط والديكتاتورية.إن العراق ليس حالة استثنائية في‮ ‬التجربة الديمقراطية فله تجارب‮  ‬كثيرة بدأت على شكل الديمقراطية وانتهت إلى دكتاتوريات أحرقت الأخضر واليابس ودمرت البلاد وحرمت الشعب العراقي‮ ‬من أبسط الحقوق والحريات المتعارف عليها،‮ ‬وعندما أزيل نظام البعث بالتدخل العسكري‮ ‬الخارجي‮ ‬حاولت كل جهة جاءت مع‮  ‬التغيرات السياسية الجديدة فرض سيطرتها الجغرافية والمنطقية والطائفية بشعارات وطنية وديمقراطية ودينية،‮ ‬ومن هذا نستشف أن التوجهات التي‮ ‬بدأت ملامحها أثناء تشكيل الحكومات العراقية المتعاقبة كانت تحمل بين طياتها النزعة الفردية وليس الجماعية،‮ ‬وتجلت هذه التوجهات بشكل واضح وصريح وأصبح القرار الفردي‮ ‬والحزبي‮ ‬في‮ ‬العديد من القضايا هو الحاسم،‮ ‬وقد‮ ‬يكون هذا التوجه وهذا الطريق عبارة عن خطوات نحو إقامة نوع من الدكتاتورية تحت طائل مسميات كثيرة في‮ ‬مقدمتها مصلحة العملية السياسية التي‮ ‬أصبحت بفضل هذه السياسة تعيش مأزقاً‮ ‬حقيقياً‮ ‬وملامحه ظهرت في‮ ‬الانقسامات بين الكتل السياسية عموماً‮ .‬الديكتاتورية عبارة عن نهج إقصائي‮ ‬يتسم بالرؤية الضيقة على الرأي‮ ‬الآخر ويعتبر الانفراد باتخاذ القرارات هي‮ ‬أفضل وسيلة للتخلص من المعارضين‮ ‬،والاستيلاء على المال العام وحصره بيد الفاسدين الذين‮ ‬يعيثون فساداً‮ ‬في‮ ‬أجهزة الدولة بدون رقيب أو حسيب‮ ‬،بل ويقفون حجرة عثرة أمام المؤسسات الرقابية والمحاسبية‮  ‬التي‮ ‬تحاول تطبيق القوانين والتعليمات التي‮ ‬ترفض القرارات الفوقية التي‮ ‬تعتبر معادية للديمقراطية ومصالح الشعب والوطن،‮ ‬ولعل من المفيد تذكير من‮ ‬يتناسى وليس‮ ‬ينسى أن هذا الطريق‮ ‬يحمل مخاطر جمة مهما كانت الصيغ‮ ‬التي‮ ‬تستعمل لتمريره،‮ ‬ومصير الدكتاتوريات والدكتاتورين لم ولن‮ ‬يختلف بالكثير ولكل واحد منهما طريقة للتخلص منه وعند ذلك لن‮ ‬يرحمهم لا الشعب والتاريخ‮.‬


مشاهدات 661
أضيف 2022/02/11 - 10:19 PM
آخر تحديث 2024/11/23 - 9:50 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 206 الشهر 10124 الكلي 10053268
الوقت الآن
الأحد 2024/11/24 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير