مطر يكتب عن جنون العظمة لجنرالات البلاغ رقم واحد
عكاب سالم الطاهر
من حين لآخر ، يصلني من الكاتب والصحفي اللبناني فؤاد مطر كتاب جديد . واذ اشكره على ذلك ، اسأل الله ان يطيل في عمره ، ويديم صحته .
القلم والصحفي
وانا اتابع اصدارات الصديق فؤاد مطر ، تذكرتُ قولاً عثرتُ عليه في واحدة من قراءاتي . القول هو : يتمنى الصحفي ان يموت والقلم بين اصابعه. لكن الكتابة بالقلم تراجعت ، وحل محلها النقر بالاصبع على مفاتيح لوحة الحاسوب ؟!.
ولا اقول انني احسد الصديق فؤاد على نشاطه الدؤوب ، رغم السنين الطويلة ، بل انا مسرور لهذا النشاط. واكرر القول : اطال الله في عمره ، والى مزيد من العطاء .
كتب عديدة وصلتني من الكاتب . من بعضها:
* هذا نصيبي من الحياة.
* الكردي المخذول .
* انياب الخليفة وانامل الجنرال .
ومن شارع المتنبي ، اشتريتُ كتاب : بصراحة عن عبدالناصر .وهو من تأليفه. وكتبت عن هذه الكتب. ومن خلال جريدة الزمان ، طبعة بغداد ، نشرتُ ما كتبتُ . هذا الكتاب صدر هذا الكتاب ، في هذا العام ( 2019). عن الدار العربية للعلوم..ناشرون ، لبنان . بواقع 296 صفحة من القطع الكبير . وقدمه : رياض نجيب الريس . وفي الصفحة الخامسة من الكتاب ، ينقل المؤلف فؤاد مطر اقوالاً لشخصيات اسلامية تاريخية .ومنها قول الامام علي ( ع ) : « الاستشارة عين الهداية . وقد خاطر من استبد برأيه .آلة السياسة سعة الصدر . وأشد
الناس عذاباً يوم القيامة من اشركه الله في سلطانه فجار في حكمه » .
المحتويات
ضم الكتاب الموضوعات التالية :
• تقديم .
• تمهيد .
• الانقلاب العسكري الاول في العالم العربي .
• الانقلاب الاول في روايتين .
• الانقلاب الثاني من زعيم الى زعيم .
• هوامش حول لعبة العسكر والاحزاب.
• تقييم .
• وثائق . وتضمن خمس وثائق . لا وطن للذاكرة تحت هذا العنوان ، يكتب الصحفي والناشر اللبناني ، رياض نجيب الريس :
( كم منا نحن صحفيي هذا الزمان العربي الرديئ ، يملك دأب فؤاد مطر وعزيمته وجهده في مختلف مجالات اهتماماته العربية ورفده
المكتبة العربية ، حتى الان ، بثلاثة وثلاثين كتاباً ..). ويقول الريس في نهاية تقديمه : ( يقول مثل انكليزي : لاوطن للمسنين ). وانا اقول : نحن وطننا القلم والذاكرة ، قبل ان تبهت الوانها وتزداد ثقوبها . انتهى النص المنقول . وهو نص مؤثر .
التمهيد..
وفي تمهيد مطول ، يسرد المؤلف فؤاد مطر ، قصة هذا الكتاب . اذ يقول : « لهذا الكتاب الجديد والذي يحمل رقم 32 في مؤلفاتي ، حكاية تعود الى الستينات.. ». وينتهي بعد ايراد تفصيلات ووقائع متنوعة ذات صلة مباشرة بمشواره التأليفي ، الى القول :
( ان غواية الانقلابات والتقلبات والولاءات وحالات جنون العظمة لدى جنرالات تلك الحقب الحنظلية كانت تراميديا ، اي مزيج من الدراما السوداء بالكوميديا الاقرب الى التهريج ، بدأت في سوريا ولا تندثر..وكانما كانت بداية حالة لا نهاية لها . اعان الله الامة من هذه الغواية ) . الانقلاب الاول ومع تقديرنا لموضوعية الكاتب الصديق فؤاد مطر ، نقول ان هذا الانقلاب السوري ليس
الانقلاب العسكري الاول في العالم العربي . ففي العراق ، عام 1936 ? قام الفريق بكر صدقي بانقلاب عسكري ، وهو انقلاب ترك تداعيات مباشرة في الساحة العراقية.
الوثيقة والتحليل
اعتمد المؤلف على ذكر الوثيقة ، مع قيامه بتحليلها.اي انه ليس راوية فقط لما حدث . ليس ذلك فقط ، بل ان الصور المهمة والنادرة تلعب دورها في تعزيز التوثيق الذي تمسك به الكاتب. والتقاط هذه الصور او الحصول عليها، والاحتفاظ بها ، يدل على موقف مسبق يفصح عن مشروع مستقبلي لدى الكاتب . وهو امر لا نجده لدى الكثير من الكتاب والصحفيين ، وخاصة العراقيين . وبصراحة نقول : ان القليل جداً من الصحفيين العراقيين من التقط صورة ، او حاول الحصول عليها ، واحتفظ بها ، ليستخدمها مستقبلا في مشروع تاليف كتاب ..مثلاً .والاسباب في ذلك كثيرة ، في مقدمتها :قد تكون الصورة دليل ادانة لصحفي عراقي متهم ، فيعمد الى اتلافها والتخلص منها . ويتفق المتابعون للشان السوري ، ان الانقلابات العسكرية ظاهرة رافقت نشوء الدولة السورية الحديثة. وهي تعكس حالة من عدم الاستقرار . فمن انقلاب حسني الزعيم الى انقلاب سامي الحناوي الى انقلاب اديب الشيشكلي...الخ ، اتسمت الساحة السياسية السورية بالانقلابات. وانتقلت هذه السمة الى مصر . وقبلها كانت في العراق ، ثم تفاقمت فيه . واسهب المؤلف بايراد وقائع مثيرة وذكر تداعياتها . وهو امر يحسب له دون شك . ولكن لماذا الانقلاب العسكري ؟ وقد لا نبتعد عما اراد المؤلف قوله وايصاله ، اذا طرحنا هذا السؤال ، وهو مهم جداً . واذا عمدنا الى ذكر بعض الاسباب نقول :
1. ان طموح الزعامة لدى الكثير من القادة العسكريين ، وعدم اقتناعهم بمن يقودهم من المدنيين ، عامل مهم جداً. وهناك قول متداول جاء فيه : القائد العسكري السوري يقوم بانقلاب . فاذا نجح يصبح رئيساً للجمهورية .وان فشل يعين سفيرا او ملحقاً عسكرياً في سفارة لبلاده.
2 .ان فشل الحكم القائم في تقديم ما يرضي مواطني هذا البلد او ذاك ، يحرك بعض العسكريين على احداث تغيير ما . ومن اللافت للنظر ان بعض قوى المعارضة في العديد من الدول العربية عمدت للعمل السياسي السري داخل القوات المسلحة في بلادها . وعند الحاجة تزج هذه القوة السياسية او تلك ، خلاياها في القوات المسلحة للقيام بتغيير او مساندة تغيير ، عنفي عادة. ولعل الحركات القومية في العراق وسورية ومصر وليبيا ، من اكثر الحركات المعارضة التي عملت داخل القوات المسلحة ، واستخدمت تنظيمها في الوثوب للحكم.
ملاحظة اخيرة
كتاب الصحفي اللبناني فؤاد مطر الذي حمل عنوان : عسكر سوريا واحزابها ، اصدار متميز ، مقترن بجهد كبير بذله المؤلف دون شك. وهو كتاب معزز بالوثائق ، تحتاجه المكتبة العربية ، السياسية خاصة .
شكراً للصديق فؤاد على هديته ، وتهنئة له على هذا الاصدار.