فاتح عبد السلام
هناك مخاوف أعلنها وزير الخارجية العراقي من عودة تنظيم داعش الذي “اكتسب عناصر وأسلحة جديدة” في إشارة لا تقبل اللبس الى الحصول على أسلحة من الجيش السوري بعد سقوط نظام بشار الأسد.
لا يوجد تفسير واضح لمخاوف دولة بحجم العراق لديها إمكانات عسكرية وأمنية كبيرة ودعم امريكي، من فلول تنظيم سبق أن تمّ دحره في سوريا والعراق معا، وانّ الأجدر في هذا السياق هو تبديد المخاوف بالمبادرة الى التعاون الأمني مع الإدارة الذاتية الجديدة لسوريا من أجل حصار التنظيم وتسهيل القضاء عليه، لاسيما انّ مناطق حركة عناصر التنظيم محدودة في داخل سوريا، من دون ان يخوض النظام السابق الساقط اية معركة ضد “داعش” طوال عمر الثورة السورية، كما انّ التنظيم لم يهاجم مرة واحدة ، أجهزة بشار في المدن الرئيسية والعاصمة ، وانّ الوثائق المكتشفة في مقر جهاز امن الدولة لنظام بشار تكشف عن تدبير مخابراته تفجير المفخخات ضد مقار أمنية وعامة في دمشق لحرف انظار العالم عن سلمية الثورة السورية في مطلع انطلاقها، ولتهرب النظام السابق من استحقاق التعددية والرأي الآخر وبناء دولة العدالة الاجتماعية وفتح السجون.
حين انطلقت الثورة السورية بشكل سلمي في اذار 2011 لم يكن لداعش أي وجود، وانّ تنظيم القاعدة كان في أسوأ أوضاعه بعد القضاء على وجوده في المدن الرئيسة بالعراق، ولم يكن رقما واضحا في سوريا. لكن “دولة فروع المخابرات” الحاكمة في فترة الأسد السوداء كانت تنفذ خطة اجهاض أي برنامج وطني في سوريا أو الجوار، بمباركة من قيادة “المحور” في ذلك الوقت.
تحت جنح ذلك التواطؤ المكشوف بين بشار النازع نحو ذبح شعبه من اجل استمرار دولة الدم والطائفية، وبين الصاغين لصوته في العراق والداعمين له في ايران، جرى استباحة المدن العراقية، باحتلال اكبرها، الموصل، ومن ثمّ إتمام المسلسل اللاحق.
لتكن هناك إرادة حقيقية في فهم معنى التغيير في سوريا من اجل المصالح العراقية العليا بعيداً عن طروحات ضيقة، هذه هي الرؤية الاستراتيجية المستحقة.
مَن يخاف من احتمال عودة داعش عليه تذكر انه قد زال النظام الذي كان يوظف التنظيم الإرهابي، وانّ الفلول المتبقية، يمكن القضاء عليها من خلال مبدأ التعاون بين الدولتين العراق وسوريا على شطب عامل اللعب بورقة أي تنظيم أو تشكيل أو مليشيا أو حزب، يمتلك السلاح ويتصرف بالأرض والقرار على وفق مصالح تتعارض مع سيادة البلدين، عند ذلك يكون العراق وسوريا منتصرين في المعركة ضد الإرهاب، على طريق طي صفحة الماضي والتقدم لمشاريع التنمية والتنفس الاقتصادي والنفطي للعراق على ساحل البحر الأبيض المتوسط للمرة الأولى في تاريخه .