المجحفُ يُسقط نفسه مِنَ الأعين
حسين الصدر
-1-
من الأمراض الخطيرة الشائعة النظر الى المنافسين نظرة مشوبة بالكراهية والنفور .
انّ أبناء الصنعة الواحدة تنتابهم – في الغالب – مشاعر يختلط فيها الحق بالباطل الى حد بعيد ، الاّ في حالات التألق والصفاء حيث يذعن المُنْصِفُ لتفوق صاحبه عليه ويقر له بالفضل .
-2-
ومن ذلك مارواه السبكي في طبقات الشافعية الكبرى ج2 ص 375 حيث قال :
( قال المرتضى أبو القاسم عليّ بن الحسين الموسوي :
دخل عليّ أبو الحسن المحاملي مع أبي حامد الاسفرايني ،
ولم أكن أعرفه ،
فقال لي أبو حامد :
هذا أبو الحسن المحاملي ، وهو اليوم أحفظ للفقه مني )
وهنا تبرز المنقبة حيث قدّم الاسفرايني أبا الحسن بن المحاملي على نفسه.
ودلّنا بهذا التقديم على نكران ذاته ، وصفاء نفسه ، فاستحق منا التبجيل والتقدير .
-3 –
أين هذا مما هو معلوم من توتر العلاقات بين (الزهاوي) و ( الرصافي ) وهما من أبرز شعراء العراق في القرن التاسع عشر، ولم تفلح المحاولات الكثيرة التي بذلت لتبديد تلك الحالة .
وأمثالهما في رجال الحرفة الواحدة كثيرون .
-4-
انّ المردودات السلبية للاجحاف بحق الآخرين رهيبة، وقد يَسقط المجحفُ من الأعين فيما يريد هو احتكار التقدير والتبجيل لنفسه ..!!
وهنا تكمن المفارقة .