لمناسبة ذكرى 24 / 12/ 1964
المرأة..بين السياب ونزار قباني
قاسم حسين صالح
تعدّ (المرأة) هي الموضوع الرئيس الذي شغل الشعراء..من قبل جلجامش و عشتار وستبقى..لكنهم يختلفون في الموقف منها، ويبرز الفرق شامخا بين السياب ومن يوضع معه، وبين نزار قباني ومن يتبعه في موقفيهما من المرأة وفهمهما لها.
فنزار..كان ،كأسلافه، ركز في معظم قصائده على وصف جزئيات جسد المرأة وتشريح تفاصيله ، بما يشبع انفعالاته وحاجته الغريزية:
كوني اذن حبيبتي
واسكتي
ولا تناقشيني في شرعية حبي لك
لان حبي لك شريعه
انا اكتبها
وانا انفذها
اما انت
فمهمتك ان تنامي كزهرة مارغريت
وتتركيني احكم
مهمتك حبيبتي
ان تظلي حبيبتي
هكذا يريد نزار ..ان يكون ملكا ، او بالاحري خليفة عباسي . والمرأة عنده ..حبيبة تتلقي فعل الرجل ، متي ما اشبع منها رغبته تركها:
« كان عندي قبلك ... قبيلة من النساء
انتقي منها ما اريد
واعتق ما اريد «
منطق خليفة بلا عمامه
أما السياب..فقد ركز علي جوهر المرأة كوجود. واذا كانت عشرون الفا من النساء لا يشبعن ظمأ نزار.. فان السياب أحب ان تكون له امرأة واحدة فقط . واذ انشغل نزار بالمرأة البرجوازية، وكرّس كل شعره لغرض الترويح والتنفيس عن ضجرها، فان السياب اهتم بالمرأة كواقع اجتماعي، كأنسانة مقهورة تعاني كل انواع الاستلابات، وصور علي نحو مؤثر وواقعي معاناة المرأة في المجتمع المتخلف. ففي قصيدته» المومس العمياء» لا يدين المومس فقط.. بل الرجل الذي يضاجعها.
(وهم مثلها - وهم الرجال - ومثل الاف البغايا
بالخبز والاقمار يؤتجرون والجسد المهين
هو كل ما يمتلكون - كمن تضاجع نفسها - ثمن العشاء
الدافنين خروق بالية الجوارب في الحذاء
يتساومون مع البغايا في العشي علي الاجور
ليدخروا ثمن الفطور).
ويكفي السياب ..قصيدته انشودة المطر في تغزله بالمرأة..
عَيْنَاكِ غَابَتَا نَخِيلٍ سَاعَةَ السَّحَرْ ،
أو شُرْفَتَانِ رَاحَ يَنْأَى عَنْهُمَا القَمَرْ .
عَيْنَاكِ حِينَ تَبْسُمَانِ تُورِقُ الكُرُومْ
وَتَرْقُصُ الأَضْوَاءُ ...كَالأَقْمَارِ في نَهَرْ
يَرُجُّهُ المِجْدَافُ وَهْنَاً سَاعَةَ السَّحَرْ
كَأَنَّمَا تَنْبُضُ في غَوْرَيْهِمَا ، النُّجُومْ ...
فَتَسْتَفِيق مِلء رُوحِي ، رَعْشَةُ البُكَاء
كنشوةِ الطفلِ إذا خَافَ مِنَ القَمَر !
كَأَنَّ أَقْوَاسَ السَّحَابِ تَشْرَبُ الغُيُومْ
وَقَطْرَةً فَقَطْرَةً تَذُوبُ في المَطَر ...
وَكَرْكَرَ الأَطْفَالُ في عَرَائِشِ الكُرُوم ،
وَدَغْدَغَتْ صَمْتَ العَصَافِيرِ عَلَى الشَّجَر
أُنْشُودَةُ المَطَر ...
مَطَر ...
مَطَر...
مَطَر...
ويبقى العراق..وطن الشعر والشاعر!