التـرجمة الأدبية بين الفن والإبداع
معراج احمد الندوي
أن الترجمة – عموما – توصف بأنها حرفة، وعلم وفن. الحرفة يمكن أن تكتسب بالممارسة، والعلم فيها يُنال بالاطلاع والدرس. وهذان الأمران قد يؤهلان المترجم لممارسة أنواع من الترجمة التقنية والرسمية والتخصصية كالترجمة الصحافية والقانونية والتجارية وغيرها.
والمعاهد والجامعات والمراكز التي تدرس الترجمة تقدم للدارسين العون والتأهيل المطلوبين للقيام بهكذا ترجمات.
أما الفن في الترجمة، فيشدد المقالح على أنه يحتاج إلى جانب الاحتراف والعلم قدرا من الموهبة والشغف اللذين يشكلان للمترجم حافزا لا يفتر على مواصلة الترجمة مهما كانت الظروف والصعاب والمثبطات.
الترجمة الأدبية هي فن تحويل النصوص الأدبية من لغة إلى أخرى مع الحفاظ على روحها وجمالها، يتطلب هذا النوع من الترجمة مهارات عالية في نقل المعاني والمشاعر بدقة وابتكار. الترجمة الأدبية أكثر من مجرد نقل كلمات، بل هي عملية إبداعية تنقل روح النص إلى جمهور جديد. وتحتاج الترجمة الأدبية إلى درجة عالية من الخبرة لدى المترجمين حتى يتمكنوا من نقل المشاعر والأحاسيس التي تحملها النصوص الأدبية؛ أنها عملية تحويل النصوص الأدبية مثل الروايات والقصص وقصائد الشعر والنثر الإبداعي من اللغة الأصلية إلى لغات أخرى
تساعد الترجمة الأدبية الناس على فهم العالم من حولهم، والتعرف على ثقافات العديد من المجتمعات التي لم يحتكوا بها من قبل، فيشعرون وكأنهم يسافرون عبر البلدان المختلفة من خلال قرائتهم لأعمالهم الأدبيةتتطلب الترجمة الأدبية فهماً عميقاً للثقافة والتقاليد الخاصتين باللغتين المصدر والهدف.
فاللغة ليست مجرد أداة للتواصل، بل تعكس أيضاً مجموعة من القيم الثقافية. لذلك، يحتاج المترجم أن يكون ملماً جيداً بالثقافات المختلفة من أجل فهم صحيح وشامل للنص ونقل عبارات ومفاهيم قابلة للفهم.تهدف الترجمة الأدبية إلى إيصال رسالة المؤلف بأكملها، ولكن هذا يعتبر تحدياً إضافياً. فقد تكون العناصر الثقافية والتعبيرات العاطفية مختلفة في اللغتين. ويتعين على المترجم الاجتهاد في اختيار كلمات وعبارات مناسبة لضمان توليد إحساس وتجربة قراءة مماثلين.
تساهم الترجمة الأدبية في تعريف العالم بالأعمال الأدبية والفنية القيّمة التي قد لا يكون القراء قادرين على الاطلاع عليها إلا من خلال الترجمة. فهي تتيح للقراء في جميع أنحاء العالم الاستمتاع بالأعمال الأدبية بغض النظر عن اللغة. وتساهم في إثراء المشهد الأدبي العالمي.تهتم الترجمة الأدبية بترجمة الأعمال الأدبية (الروايات والقصص القصيرة والمسرحيات والقصائد، وغيرها). إذا كان ترجمة الأعمال غير الأدبية تعتبر مهارة، فإن ترجمة الرواية والشعر تعتبر أشبه بالفن.الترجمة الأدبية أحد تصنيفات الترجمة، وتشمل القيام بنقل كل مُنتج أدبي، سواء أكان شعرًا، أو نثرًا، أو قصَّةً، أو أيَّ فنٍّ من الفنون، إلى اللغة العربية، أو العكس في بعض الحالات، أمَّا آليات أو طريقة القيام بذلك فهي تختلف على حسب الهدف من الترجمة.ن الترجمة الأدبية حالة في حد ذاتها، ويجب أن تحقق الهدف منها، والذي ينبثق من الرؤية الفنية للنص الأصلي والاستماتة في نقل ذلك عبر النص المترجم، لذا فإن هناك كثيرًا من العناصر التي يجب أن تتَّحد مع بعضها لتكون الترجمة الأدبية الناجحة، سواء ما يتعلق بقدرات الترجمة والسمات العملية التي يجب أن تتوافر في المترجم بوجه عام، أو ما يتعلق بالوجدان والأفكار، ومن ثم القدرة على التعبير عن جواهر النصوص الأجنبية.
الترجمة الأدبية ليست عبارة عن تحويل النص من لغة إلى أخرى بشكل حرفي، بل هي محاولة لإعادة إنتاج العمل الأدبي من جديد بلغة مختلفة وبشكل يحافظ على جمالياته وروحه التي اكتسبها من النص الأصلي.تتميز الترجمة الأدبية بأنها لا تقتصر على الترجمة الحرفية، بل تتطلب من المترجم إبداعًا في التعبير عن النصوص بطريقة توازي روح النص الأصلي.
لا يمكننا إنكار أهمية ترجمة الأدب فإن عملية الترجمة صعبة وتتضمن عملية مختلفة عن ترجمة المحتوى العادية ، حيث إنها واحدة من أصعب أنواع الترجمة . والشعر هو فئة أخرى صعبة للغاية بالنسبة للمترجمين الأدبيين ، ويتطلب ذلك مستوى عاليًا من الإبداع والطلاقة في اللغة المصدر واللغة الهدف لأن المترجم عليه الحفاظ على جوهر وجمال الأصل .
لذلك من الضروري أن يفهم المترجم القصة الكاملة والنية الفعلية للمؤلف من أجل ضمان تسليم الرسالة الحقيقية للمؤلف بأمانة بلغة أخرى .
لولا الترجمة لما وصلت البشرية لما وصلت إليه اليوم من تقدم في كافة المجالات وعلى مختلف الأصعدة والقطاعات ولاسيما مجال العلوم، وما كان ليتسنى للقراء الاطلاع على آداب وثقافات البلدان المختلفة.
الترجمة الأدبية ليست مجرد عملية نقل الأعمال الأدبية من لغتها الأصلية إلى لغة أخرى، بل هي فن يهدف إلى نقل جمالية الأعمال الأدبية من ثقافة إلى أخرى، مع الحفاظ على قوة الرسالة وما يحمله العمل الأدبي الأصلي من ثقافة.
إن الترجمة الأدبية إحدى أصعب أنواع الترجمة وأرقاها، فهي لا تحتاج إلى نقل المعنى وحسب، بل تحتاج إلى نقل الاحاسيس والمشاعر الموجودة بالنص الأصلي، بما يسمح لمن يقرأ النص المترجم أن يشعر به كأنه يقرأ النص الاصلي.
وبالتالي فإنها تحتاج الى استخدام جمل إبداعية، وأن يكون المترجم مبدعاً وقادراً على ترجمة المفردات والعبارات بالشكل السليم، ونقل المعنى الصحيح بعبارات أدبية جميلة ومتميزة.وتعتبر الترجمة الأدبية تحدًا فنيًا معقدًا، حيث أنها تهدف إلى نقل المشاعر والتجارب الإنسانية بدقة وإبداع. وتتطلب المزج بين المهارات اللغوية والقدرة على التعبير بأسلوب سلس ودقيق.تساهم في توسيع آفاق المعرفة وفهم الثقافات المختلفة وتعزز التفاهم بين الشعوب. من خلال الترجمة الأدبية، يمكن للكتب والروايات والقصص القديمة البقاء حية والتنقل في جميع أنحاء العالم وتحقيق شهرة واسعة لمؤلفيها.تُعتبر الترجمة الأدبية فنًّا رفيعًا يتطلب فهمًا عميقًا للغتين وثقافتيهما. وسيحتاج المترجم إلى الصبر والمثابرة لتحسين مهاراته في الترجمة الأدبية حتى يتمكن من منح النصوص الأدبية المميزة فرصة للتألق في لغة جديدة.
أن الترجمة تسهم في وحدة الأمم، وتشجع على التفاهم المتبادل، واتساع الأفق، والحوارات الثقافية، والتناص. ولكن، لا يكاد المرء أن يفكر في الأدب المقارن من دون التفكير الفوري في الترجمة. فعلى سبيل المثال، يعرف معظم القراء في الهند أعمال جوته، وتولستوي، وبلزاك، وشكسبير، وغوركي، من خلال الترجمة فقط. فمن خلال المترجم يمكننا الوصول إلى الآداب الأخرى.
ساهم الترجمة الأدبية بالإثراء اللغوي؛ وذلك من خلال نقل التعابير والمفردات والمصطلحات الجديدة من لغة إلى لغة أخرى؛ فنجد أن هنالك الكثير من المفردات التي قد نستخدمها وقد تعود بالأصل للغات متعدّدة مثل: الإنجليزية أو اللاتينية أو غيرها.يلعب المترجمون الأدبيون، بلغتهم وقدراتهم الثقافية الرائعة، دورًا حاسمًا في الكشف عن ثراء الأدب العالمي ونقله إلى جمهور عالمي. إنهم السحرة الذين ينتجون الترجمات بشق الأنفس، ويجمعون بمهارة بين الإخلاص للنص الأصلي والحاجة إلى تكييف وإعادة إنشاء جوهره في سياق لغوي وثقافي مختلف. فهي لا تحتفظ فقط بأصالة العمل الأصلي ونزاهته، ولكنها تفتح أيضًا طرقًا جديدة للتفاهم، وتعزز التقدير بين الثقافات، وتنمي إحساسًا أقوى بالمجتمع الأدبي العالمي.
الترجمة هي تفسير معنى الكلام، أو معنى النص المكتوب في لغة، ونقله كلاماً أو نصاً مكتوباً إلى لغة أخرى. نسمي هنا النص في اللغة الأولى- source text5 - والنص المكافئ الَّذي ينقل الرسالة نفسها بلغة أخرى يسمى target text6. يُعرَّف مصطلح الترجمة (Translation) في العموم بأنه عملية تفسير معنى النص، وإنتاج نصٍّ مكافئٍ ينقل الرسالة نفسها بلغةٍ أخرى.