المول بين الشارع والنهر
عباس الجبوري
ايها الشارع ..الممتد على مسافة البكاء والدموع…
والملتف حول الموت التفاف النهر من خلفه وهو يتلو إنشودة الخوف والدماء ..
أيها الشارع المبسوط أمام مول الكورنيش ..لم تخبر المول إن خلفه نهر (بخيل) ..لم يرسل رذاذه على خيمة (سكينة )في كربلاء…
ولم يرش قطراته على عيون (ساره ومحمد وعوده وكريم وندى) في الطابق الثالث من بناية الكورنيش (الباردة)..
أيها المول ..الشارع من أمامك ..والنهر من ورائك..فلاتحزن ولاتخاف همساً ولا نيرانا…
الكوت..ربما كانت حروفاً هندية..أو برتغالية..وربما كانت لاتينية تحويراً ل(coast) ..وأرادوا به الساحل وقد شيدوا عليه أكواخاً من القصب على حافة النهر ..للأمان ..وربما لقرب المسافة من الماء للارتواء و اطفاء الحرائق.. ولكن ..كان الماء بعيداً..وبعيداً بعد المسافة بين التخلف والقسوة واللامبالاة..والرحمة
أيها المول..لاتحرق الفراشات التي تراقصت من البرد في طوابقك الباردة ..
ولاتغرق..أقمارك المتكسرة من الشوق في نهر الكوت المتراخي على جرف الكورنيش ليقضي ليلة ساحرة مع حورية من بني مرجان…
ايها المول..
لستَ محتاجاً لعيون قديمة أستهلكت من البكاء..حتى ملأت محاجرها وخيامها وقصصها بالدموع..
ايها المول..لاتقبل الا دموع الموحدين الخالصة من الشرك …
ودموع المخلصين الخالية من (نمل) الرياء..
ودموع (حجي جابر) الملبّية لله بلا نفاق..
ايها النهر..
إنسحب عن المول لانك لم ترويه..
ايها الشارع ..ابتعد عن المول لانك صرتَ درباً لسيارات الدفع الرباعي السوداء (بلا
حزن)..والمظللة بالغرور..
لاحاجة للمحترقين..
ولا صوت للرماد ..
ولا أرشفة لسجلات الموت..
ولاعزاء الا للوطن الذي (إبيضت عيناه من الحزن فهو كظيم..)