الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
في أركان الصمت تتكلم الوجوه

بواسطة azzaman

تأملات  في وجع الواقع

في أركان الصمت تتكلم الوجوه

خونچه صباح أحمد

 

في أركان الظلّ الكثيف، يسود صمتٌ لا يشبه السكون، بل هو وجعٌ بلا صوت، واختناقٌ بلا صراخ. تتوارى الكلمات، وتتعاظم الأسئلة في الصدور، بلا جهةٍ تتكفّل بالجواب.

خلف ستار الصبر المتراكم، وجوهٌ أنهكها الانتظار، لا تشتكي، لكنها تقول كلّ شيء بعينيها. تراكمت الأيام وتحولت إلى ثلاث ثلاثينيات متتالية، كل واحدة تضع ثقلها على كاهل الانتظار، والأبواب لا تزال تُغلق أمام أنفاسنا الصامتة.

البيوت تُغلق على ما تبقّى من رجاء، والجيوب تُمسك بما لم يعد فيها، والموائد تعتاد الغياب كعادةٍ يومية.

ورقة وحيدة

تُروى حكايات عن تعبٍ لا يُسمّى، وعن أرزاقٍ عُلّقت بين جهتين، كلٌّ منهما يرى الآخر مسؤولًا، والناس هم الورقة الوحيدة التي لا تُقرأ.

حين يحلّ الليل بأثقل ما فيه، وتخفت ملامح الصباح، تتحرّك الأرواح في صمتٍ مُرّ، كأنّها تخشى أن تتنفس كثيرًا .

لا حاجة إلى صراخ، فالحقيقة تمرّ كنسمةٍ ساخنة بين شقوق الواقع المتصدع، تُلامس القلب ولا تتركه كما كان.

وفي دروبٍ متشابكة، حيث تتوارى الشمس خلف غيوم الوعود، تهمس الريح بأسئلتها:

أيُّ فجرٍ هذا الذي لا يفيض فيه خبزٌ على الموائد، ولا يشرق فيه الراتب نورًا على الجيوب؟

كيف يُقاس الوقت حين تُحجب الأرواح عن قوتها، ويُترك الجوع معلّقًا كشبحٍ في سقف البيت؟ ويجيء الجواب على هيئةِ صمتٍ أثقل من السؤال.

والمشهد لا يزداد إلا صمتًا، كأنّ الزمن نفسه يؤجّل الكلام، ويكتب ببطء فصلًا آخر من فصول التعب المتوارث.

ورغم كلّ هذا، ما زال في بعض الزوايا ومضٌ خافتٌ من أمل؛

ليس صبرًا بطوليًا، بل انتظارًا مُنهكًا، لا يبحث عن المجد، بل عن حياةٍ... ممكنة.

 

 


مشاهدات 556
الكاتب خونچه صباح أحمد
أضيف 2025/07/26 - 3:15 PM
آخر تحديث 2025/10/24 - 7:04 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 183 الشهر 16051 الكلي 12155906
الوقت الآن
الجمعة 2025/10/24 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير