فاتح عبد السلام
جميع الأطراف “المتوافقة أو المتناقضة» تراهن على الزمن في سوريا. افتتح نتانياهو رئيس وزراء إسرائيل الرهان بالإسراع بعد ساعات من سقوط نظام بشار الأسد الى شن غارات جوية لا تزال مستمرة حتى اليوم ضد المقدرات والأصول العسكرية لسوريا بما يتيح له استغلال الفجوة الزمنية لضمان عدم وقوع السلاح النوعي ويقصد به صواريخ سكود والطائرات والرادارات بيد الحكّام الجدد.
سارعت دول جوار سوريا مع المحيط الإقليمي والعواصم العالمية المؤثرة الى عقد مؤتمر الاتفاق على “خطاب موحد” للتعامل به مع نظام الحكم الجديد في سوريا، وظـهرت المطالبات متشابهة من أفواه الجميع بشأن ما هو المطلوب من سوريا الجديدة، فيما كانت هواجس القلق واضحة لم تستطع اللغة الدبلوماسية اخفاءها إزاء احتمال أن تتمتع تركيا بامتيازات اليد الطولى في سوريا بسبب دعمها للثورة السورية بشكل مباشر.
الأطراف المتضررة من سقوط نظام القتل المنهجي وتدمير المدن وبيع السيادة، يراهنون على فرضية انتهاء فترة الاحتفالات بالانتصار ومن ثمّ نشوب الخلافات بين أطراف مسلحة داخل الثورة السورية من جهة وبين الشعب ال،سوري وهيئة تحرير الشام وقائدها من جهة أخرى على أساس انّ إشاعة روح الاطمئنان بين مكونات الشعب كافة هي حالة ظرفية مؤقتة ستزول مع تثبيت الحكم الجديد. وهناك سوريون محبّون للثوّار لديهم أيضاً شيء من عوارض القلق التي لا يوجد أي تصرف حتى الآن يعززها و يغذيها.
واشنطن ولندن وباريس لم تنتظر تنفيذ كامل شروطها المطلوبة من الثوار للتعامل مع حكمهم الجديد، فعمدوا الى اتصالات دبلوماسية وارسال مساعدات ووفود، لأنّ هذا هو الطريق السليم الذي يمنح الاطمئنان للحكومة السورية الجديدة في الإسراع بتقديم كل ما هو يليق بسوريا جديدة لا ترزح تحت حكم مسالخ الفروع الأمنية والعائلة الفاسدة الغارقة بدماء السوريين.
لكن الرهان الأكبر، هو كيف تستطيع الحكومة الجديدة معالجة الدمار العظيم الذي تسبّب به بشار وعصابته، اذا عاد ثلاثة عشر مليون سوري في الداخل والخارج الى مدنهم وبلداتهم التي تحولت الى خرائب في مبانيها و خدماتها.
ليكن شعار “العرب الأثرياء» تأمين مسكن لكل سوري يعيش في المخيمات، فسوريا هي الأولوية بالبناء من أي مكان عربي آخر، حتى لو كان مدمراً، لأنّ الظلم الذي وقع على السوريين في مدته الزمنية الطويلة لم يقع على أي شعب، فالدمار في غزة ذاتها عمره أربعة عشر شهراً، والدمار في سوريا عمره أربعة عشر عاماً.