فاتح عبد السلام
تضع الولايات المتحدة بين شروطها للاعتراف بالحكم الجديد ذي الأغلبية العربية السُّنية، حماية الأقليات والطوائف، وهو شرط يعوم على نفس المخاوف الوهمية التي زرعها النظام السوري السابق بين الأقليات لتحقيق سطوته وسيادته على الجميع.
وأرى انّ عناية الحكم الجديد بجميع السوريين، واعلاء مفردة «المواطنة» فوق التسميات الأخرى هو وحده ما سيوفر الضمانات الحقيقية للاستقرار الداخلي من دون توصية من الخارج أو تذمر من الداخل.
وقد سمعنا أكثر من مرة في الأيام الثلاثة الأخيرة، تطمينات حول العدالة الاجتماعية التي سيسعى الحكم الفتي تحقيقها، في مسعى لمحو عقود من القهر الأمني والتمييز الطائفي والاضطهاد السياسي والشعارات الكاذبة.
كثير من السوريين استغربوا صياغة الالفاظ الامريكية المعلنة حول ضرورة رعاية الأقليات، اذ لم يسمعوا طوال خمسة عقود ماضية شرطا أمريكيا على النظام الساقط لمراعاة حقوق الأغلبية التي يمثلها من حيث التصنيف القومي العرب بنسبة 77٪ و من حيث التصنيف المذهبي السُّنة بنسبة تصل الى85٪.
في الأساس، لا يمكن جمع السوريين الا من خلال هوية سورية وطنية، لا تنظر الى النسب العددية كحدود للتمييز في التعامل أو فرض الارادات والقهر، ذلك انّ السوريين فتحوا بدمائهم باب الحرية ليس ليوم أو شهر أو عام، وانّما للأبد، ولن يستسلموا لتكرار المآسي كما كان حالهم تحت ظروف قاهرة مرّت عليهم بعهدين طويلين من الاستبداد.
اليوم، يجري اول اختبار من خلال حكومة انتقالية تسعى لبسط الامن وتسهيل الخدمات، وانّ الدول العربية مدعوة الان الى ضخ المساعدات الإنسانية الى سوريا عبر الشاحنات حتى تستعيد الدولة السورية القدرة التشغيلية للاقتصاد، لاسيما انّ هناك صفحة عسكرية ونتمنى ان تكون صفحة تفاهمات، لم تكتمل بعد في مناطق» دير الزور» و»الرقة» و»الحسكة».
لا عذرَ للعرب ان يتأخروا دقيقة واحدة عن مد السوريين بالإمكانات الطبية والإنسانية والغذائية، لا عذر لهم وقد خرجت ايران للأبد من سوريا كما قال قائد حرسها الثوري امس.