الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
صرخات‭ ‬في‭ ‬وجه‭ ‬التعليم‭ ‬الجامعي‭ ‬الأهلي

بواسطة azzaman

صرخات‭ ‬في‭ ‬وجه‭ ‬التعليم‭ ‬الجامعي‭ ‬الأهلي

نزار محمود

 

ليس‭ ‬التعليم‭ ‬الجامعي‭ ‬شيئاً‭ ‬يخص‭ ‬العراق‭ ‬وحده‭ ‬والذي‭ ‬عرفه‭ ‬حديثاً،‭ ‬فقد‭ ‬عرفته‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬ووفق‭ ‬نهجها‭ ‬السياسي‭ ‬والاقتصادي‭ ‬والتعليمي‭ ‬منذ‭ ‬عشرات‭ ‬السنين،‭ ‬وباتت‭ ‬تعرفه‭ ‬اليوم‭ ‬أكثر‭ ‬دول‭ ‬العالم‭.‬

واذا‭ ‬كان‭ ‬هذا‭ ‬النمط‭ ‬من‭ ‬التعليم‭ ‬الجامعي‭ ‬خاصاً‭ ‬في‭ ‬تمويله‭ ‬وكسبه،‭ ‬فإن‭ ‬ذلك‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬ولم‭ ‬يسمح‭ ‬له‭ ‬البتة‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬نشاطاً‭ ‬تجارياً‭ ‬وكسباً‭ ‬عابراً‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬نشأ‭ ‬فيها،‭ ‬فقد‭ ‬كان‭ ‬دوماً‭ ‬في‭ ‬اطار‭ ‬توجيهات‭ ‬السلطات‭ ‬السياسية‭ ‬والتشريعية‭ ‬والقضائية،‭ ‬وقبل‭ ‬هذا‭ ‬وذاك‭ ‬يسير‭ ‬وفق‭ ‬منظومات‭ ‬أخلاقية‭ ‬ومهنية‭ ‬معتبرة‭ ‬ومتميزة‭. ‬ولذلك‭ ‬كان‭ ‬تعليماً‭ ‬توفرت‭ ‬فيه‭ ‬مقومات‭ ‬الابداعية‭ ‬وأخلاق‭ ‬شرف‭ ‬المهنة‭.‬

وفي‭ ‬العراق‭ ‬تنتشر‭ ‬اليوم‭ ‬عشرات‭ ‬الجامعات،‭ ‬وبتزايد‭ ‬مضطرد،‭ ‬مؤسسات‭ ‬التعليم‭ ‬الجامعي‭ ‬الأهلي‭ ‬التي‭ ‬بات‭ ‬ينتسب‭ ‬اليها‭ ‬اليوم‭ ‬مئات‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬الطلبة‭.‬

لقد‭ ‬بات‭ ‬التعليم‭ ‬الجامعي‭ ‬الأهلي‭ ‬اليوم‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬تجارة‭ ‬رابحة‭ ‬جداً‭ ‬الى‭ ‬جانب‭ ‬تجارات‭ ‬العمولات‭ ‬والعملات‭ ‬والعقارات‭ ‬والمولات‭ ‬والمطاعم،‭ ‬ناهيك‭ ‬عن‭ ‬الكراسي‭ ‬السياسية‭.‬

تجارة‭ ‬يشتد‭ ‬عليها‭ ‬الطلب‭ ‬في‭ ‬مجتمع‭ ‬لا‭ ‬يبخل‭ ‬فيه‭ ‬على‭ ‬حصول‭ ‬أبنائه‭ ‬على‭ ‬“شهادات‭ ‬وقلنسوات”‭ ‬جامعية‭!‬

لا‭ ‬أعتقد‭ ‬أن‭ ‬المهتمين‭ ‬بأمر‭ ‬هذه‭ ‬التجارة‭ ‬لا‭ ‬يعرفون‭ ‬اشتراطاتها‭ ‬“العلمية”‭ ‬وقبلها‭ ‬“المالية”‭!‬‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬في‭ ‬استثمارات‭ ‬بنيتها‭ ‬أو‭ ‬مصاريفها‭ ‬التشغيلية،‭ ‬وإنما‭ ‬“بتكاليف”‭ ‬ترخيصاتها‭! ‬كما‭ ‬انهم‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬أن‭ ‬يعرفون‭ ‬كذلك‭ ‬من‭ ‬هم‭ ‬المتمكنين‭ ‬من‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الترخيصات‭ ‬ومن‭ ‬هم‭ ‬شركائهم‭!‬

إن‭ ‬هذه‭ ‬“البنية‭ ‬التحتية”‭ ‬القوية‭ ‬تصد‭ ‬رياح‭ ‬التساؤلات‭ ‬والحساب‭ ‬عن‭ ‬ما‭ ‬تضيفه‭ ‬هذه‭ ‬الجامعات‭ ‬الى‭ ‬جيوش‭ ‬البطالة‭ ‬المنتشرة‭ ‬في‭ ‬أسواق‭ ‬العمل‭ ‬في‭ ‬العراق‭.‬

لم‭ ‬يمتلك‭ ‬المسؤول‭ ‬العراقي،‭ ‬حكومياً‭ ‬أو‭ ‬برلمانياً،‭ ‬من‭ ‬الوعي‭ ‬والشجاعة‭ ‬لكي‭ ‬يتساءل‭:‬

من‭ ‬يعلم‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المؤسسات؟

ماذا‭ ‬يتعلم‭ ‬ويتمكن‭ ‬الخريجون‭ ‬فيها؟

ما‭ ‬هي‭ ‬التقديرات‭ ‬التقييمية‭ ‬العالمية‭ ‬لهذه‭ ‬المؤسسات؟

بماذا‭ ‬تميزت‭ ‬به‭ ‬هذه‭ ‬المؤسسات‭ ‬عن‭ ‬الحكومية‭ ‬في‭ ‬مستوياتها،‭ ‬وهي‭ ‬تتقاضى‭ ‬آلاف‭ ‬الدولارات‭ ‬كرسوم‭ ‬تعليم‭ ‬من‭ ‬الطلبة،‭ ‬الفقراء‭ ‬في‭ ‬غالبيتهم؟

إن‭ ‬ما‭ ‬تسير‭ ‬عليه‭ ‬الجامعات‭ ‬الأهلية‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬من‭ ‬سياسة‭ ‬وانجازية‭ ‬لا‭ ‬يخرج‭ ‬من‭ ‬سياقات‭ ‬اعادة‭ ‬انتاج‭ ‬تخلف‭ ‬وتخريج‭ ‬افواج‭ ‬من‭ ‬العاطلين‭ ‬عن‭ ‬العمل‭ ‬المنتج‭ ‬أو‭ ‬المنافس‭ ‬في‭ ‬اغلب‭ ‬الأحيان‭.‬

ولكي‭ ‬لا‭ ‬نبقى‭ ‬في‭ ‬اطار‭ ‬النقد‭ ‬غير‭  ‬المنتج‭ ‬والفاعل،‭ ‬نقترح‭ ‬الآتي‭:‬

تشديد‭ ‬الرقابة‭ ‬وقطع‭ ‬دابر‭ ‬الفساد‭ ‬والرشاوى‭ ‬في‭ ‬منح‭ ‬ترخيصات‭ ‬تأسيس‭ ‬الجامعات‭.‬

تسهيل‭ ‬تلك‭ ‬التأسيسات‭ ‬على‭ ‬من‭ ‬هم‭ ‬أهل‭ ‬لها‭ ‬بامكاناتهم‭ ‬ودوافعهم‭ ‬العلمية‭ ‬ممن‭ ‬يحملون‭ ‬شرف‭ ‬المهنة،‭ ‬لقطع‭ ‬الطريق‭ ‬على‭ ‬“تجار‭ ‬الشنطة”‭ ‬ومقاولين‭ ‬الارباح‭ ‬من‭ ‬ساسة‭ ‬ومتنفذين‭.‬

فرض‭ ‬الشراكة‭ ‬مع‭ ‬المؤسسات‭ ‬الأجنبية‭ ‬ذات‭ ‬السمعة‭ ‬والعائدية‭ ‬الانجازية،‭ ‬والاستعانة‭ ‬بالخبراء‭ ‬والمستشارين‭ ‬الوطنيين‭ ‬الذين‭ ‬درسوا‭ ‬ويعيشون‭ ‬في‭ ‬الخارج،‭ ‬وكذلك‭ ‬بالاجانب‭. ‬

غربلة‭ ‬المناهج‭ ‬التعليمية‭ ‬والتدريبية‭ ‬بما‭ ‬يجعل‭ ‬من‭ ‬مخرجات‭ ‬تعليمها‭ ‬ذات‭ ‬جدوى‭ ‬اقتصادية‭ ‬في‭ ‬اسواق‭ ‬العمل‭ ‬والتنافس‭.‬

يجب‭ ‬أن‭ ‬لا‭ ‬تتخلى‭ ‬الدولة‭ ‬كلياً‭ ‬عن‭ ‬دعمها‭ ‬لجامعات‭ ‬التعليم‭ ‬الأهلي‭ ‬استشارياً‭ ‬ومالياً،‭ ‬لأن‭ ‬خريجي‭ ‬هذه‭ ‬الجامعات‭ ‬هم‭ ‬ابناء‭ ‬هذا‭ ‬البلد‭.‬

برلين،‭ ‬05‭.‬11‭.‬2024


مشاهدات 207
الكاتب نزار محمود
أضيف 2024/11/09 - 12:22 PM
آخر تحديث 2024/11/21 - 2:34 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 55 الشهر 9179 الكلي 10052323
الوقت الآن
الجمعة 2024/11/22 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير