فاتح عبد السلام
لا استغرب اليوم ولن استغرب غداً من وقوع تجاوزات من حملة السلاح والصلاحيات من خارج المؤسسة العسكرية النظامية، لقد عتبَ كثير من الناس على حالات عدم انضباط في السنوات الماضية في تصرفات بعض عناصر الجيش، وقارنوها بالتاريخ الكبير والمنضبط لمسار الجيش العراقي ورفضوا أي مساس بتلك الصورة التاريخية الراسخة، بالرغم من انّها كانت حالات فردية ومنعزلة وجرى معالجتها. لكن ما هو الحال مع عناصر لها جميع الصفات العسكرية باستثناء دراسة العلم العسكري والتدريب على اللياقة والانضباط في التراتبية والولاء، انّ النتيجة ستكون واضحة وهي تصادم ما بين صحيح وغير صحيح.
ليس المجال هنا متاحاً للدخول في التوقيت المناسب الواجب لتوحيد كل مظهر مسلح وعسكري تحت عنوان واحد بشكل حقيقي وليس “شكلياً واضطرارياً” ، لأنّ ذلك الكلام مرتبط بحقائق على الواقع لا تتغير إلا من خلال الوصول بالعملية السياسية بكاملها الى حافة التغيير، وهذا أمر مُستبعَد اليوم، لأنّ عوامل النضوج الموضوعية وليس الشخصية لم تتوافر، كما انّ عناصر الإرادة لتحقيق ذلك التحول غير موجودة، ولا يوجد استعداد فعلي ونفسي لدى الأحزاب والقوى للاضطلاع بمهمة التغيير.
لا أميل الى القول انّض الدولة العميقة تحكم في العراق ولها استحقاقات غير ما يظهر على السطح الواقعي ، ذلك انّ هناك تشابهاً الى حد التماهي بين صفات الدولة العميقة والدولة العادية، ومن هناك يكون هذا التشابك والاختلاط أخطر من وجود حالتين متمايزتين.
المرحلة لم ترشح جميع سلبياتها ومنغصاتها لذلك سنحتاج الى وقت إضافي من اجل الوصول الى مرحلة تصفية الشوائب، وهذا أمر غير مرئي للعيان بالمعنى السياسي العادي اليوم.
سنشهد المزيد من الاحتقانات والتصادمات التي ترجع أسبابها الى تفشي الخلل في الترسيم العام للعملية السياسية وهياكل بناء إدارة الدولة، وانّ الخطير في ذلك هو الاحتمالية العالية في انفلات أي حالة سلبية لتكون، تحت أي ظرف، أكبر من حالة الدولة الصحيحة، وهذا ليس مُستبعداً أبداً.
رئيس التحرير-الطبعة الدولية