باحثون بالجامعة الأمريكية في السليمانية.. إنتاج (خرسانة خضراء) صديقة للبيئة
السليمانية - باسل الخطيب
توصل فريق بحثي بالجامعة الأمريكية في السليمانية، إلى طريقة لإنتاج «خرسانة خضراء» صديقة للبيئة تسهم في ترشيد المواد الخام، ونشر بحثه الخاص بالموضوع في مجلة عالمية رصينة.
التلوث يزيد حرارة العالم
وقال عضو الفريق الباحث سيف حارث فؤاد، إن إنتاج كل طن من الخرسانة «يولد ما نسبته 8 بالمئة من وزنه غاز ثاني أوكسيد الكاربون الملوث للبيئة»، مشيراً إلى أن الدراسات العلمية «أظهرت أن انبعاث ذلك الغاز (CO2) تضاعف أربع مرات خلال المدة المحصورة بين 2000 إلى 2020 مقارنة بما قبلها ما أدى إلى تفاقم ظاهرة الاحتباس الحراري».
وأضاف فؤاد، أن «استمرار زيادة المطلقات الغازية الملوثة للبيئة سيؤدي إلى ارتفاع حرارة العالم نحو أربع درجات مئوية بحلول سنة 2099»، مبيناً أن الدراسات العلمية «أظهرت أن ذلك يمكن أن يؤدي ذوبان الثلوج وارتفاع مناسيب مياه البحار والمحيطات وغرق مدن أو مناطق شاسعة حول العالم وحدوث اضطرابات جوية كالأعاصير وهطول الأمطار الغزيرة وحرائق الغابات وتأثيرات أخرى مدمرة للحياة البرية ومسببة للأوبئة والأمراض».
بدائل جزئية لإنتاج الخرسانة
وأوضح الباحث وهو طالب في المرحلة الأخيرة بقسم الهندسة المدنية بالجامعة، أن السمنت من «المواد التي تسبب انبعاث غاز ثاني أوكسيد الكاربون CO2 الملوث للبيئة من هنا تم التوجه إلى كيفية تقليل ذلك الانبعاث وإيجاد بدائل مناسبة في إنتاج الخرسانة (الكونكريت) للإسهام بحماية البيئة»، لافتاً إلى أن فريق البحث الذي يضمه وأستاذه المشرف د. أحمد صالح محمد «توصل إلى إمكانية استعمال عدد من مخلفات المصانع لاسيما السيليكون والحديد ومخلفات الأفران الحرارية كبديل جزئي مناسب للسمنت في إنتاج الخرسانة».
وذكر فؤاد، أن البديل الجزئي الأول للسمنت «تمثل بالرماد المتطاير من أفران محطات إنتاج الطاقة الكهربائية والمصانع»، منوهاً إلى أن «جمع ذلك الرماد أصبح إلزامياً في العديد من دول العالم المتقدم كونه من مصادر تلوث البيئة».
وتابع أن جمع ذلك الرماد «يتم من خلال مرشحات (فلاتر) خاصة حيث يتم جمعه منها واستعماله في إنتاج الخرسانة لتقليل نسبة السمنت فيها بنحو يسهم في تقليل انبعاث الغازات الملوثة وترشيد الحاجة للمواد الأولية الداخلة في صناعة السمنت»، وواصل أن من البدائل الأخرى «أبخرة السليكا الناتجة من معامل الحديد والصلب فضلاً عن مخلفات الأفران الحبيبية المطحونة في تلك المعمل علماً أن لكل بديل منها مزايا وعيوب».
ومضى الباحث سيف حارث فؤاد قائلاً، إن تلك البدائل «تسهم في زيادة صلابة الخرسانة وديمومتها (عمر أطول) وتجانسها ومقاومتها للظروف الجوية فضلاً عن تقليل نفاذيتها وكلفة إنتاجها والحد من تلوث البيئة»، مبيناً أن نسبة إضافة تلك البدائل لخلطة الخرسانة «تتغير بتغير المقاومة المطلوبة للخرسانة المنتجة واستعمالاتها».
وأفاد أن الفريق «وجد أن النسبة المثلى لإضافة الرماد المتطاير كبديل جزئي للسمنت في خلطة الخرسانة تتراوح ما بين 15 - 30 بالمئة من وزن السمنت اللازم وأن تلك النسبة تتراوح بين 10 - 15 بالمئة بالنسبة للسليكا و 20 - 55 بالمئة بالنسبة لمخلفات الأفران الحبيبية»، لافتاً إلى أن دولاً عدة حول العالم كأمريكا وأستراليا وكندا «تلجأ إلى استخدام تلك البدائل في إنتاج الخرسانة للحد من التلوث الذي تسببه للبيئة».
دعم الباحثين
من جــــــــانبه قال الأســـــتاذ المشـــــرف على البحث د. أحمد صالح محمد، إن الجامعة الأمريكية في السلـــــيمانية «تشجع منتسبيها على إجراء البحوث العملية لاسيــــــما تلك التي تسهم في المحافظة على البيئة وإيجاد مواد خضراء تحد من تلوثها»، مشيراً إلى أن الخرسانة الخضراء التي تستخدم فيها بدائل جزئية للسمنت «تحظى بتقويم جيد في نظام الريادة العالمي المعتمد في تصميمات الطاقة والبيئة».
يذكر أن نظام الريادة العالمي LEED يعنى بالتأثير البيئي للمواد المستخدمة في العمليات الإنشائية على الطاقة والتصميم البيئي، وهو نظام معترف به دولياً كمقياس تصميم وإنشاء وتشغيل للمباني عالية الأداء البيئي، ومؤشر للعمارة الخضراء عالية الكفاءة.
وأورد محمد، أن منتسبي الجامعة «نشروا أكثر من 15 بحثاً متعلقاً بالحفاظ على البيئة في دوريات عالمية»، منوهاً إلى أن البحث الخاص بالــــــــخرسانة الخضــــــــــــراء نشـــــــر في مجلة:
Low- carbon Materials and Green Construction السويسرية الرصينة.
ورأى الأستاذ المشرف على البحث، أن نشر المخرجات البحثية لمنتسبي الجامعة في مجلات عالمية رصينة «يبعث رسالة اطمئنان بشأن صحة المسار المخطط له في الجامعة والارتقاء بمستواها العلمي فضلاً عن خدمة المجتمع المحلي»، مناشداً الجـــــــهات المعنية رسمية كانت أم في القطاع الخاص ضرورة «الاستفادة من مخرجات البحوث العلمية ووضعها موضع التطبيق وتشجيع الباحثين بما يسهم في حماية البيئة وتنمية المجتمع والارتقاء به».