فاتح عبد السلام
في الساعات الأولى من هجوم المعارضة السورية المسلحة على ريف حلب ومركز المدينة، ظهر في اللقطات المصورة مقاتلون “عراقيون” وقعوا أسرى، قال احدهم :”اننا مرتزقة وقد وعدونا بعشرة أوراق، أي ألف دولار، شهريا وجئنا الى سوريا للقتال” وبالرغم من انّ الأسير لا يُعتد بترتيب واختيار مفرداته الا انّ الواقعة بحد ذاتها صحيحة ، وهي انه لا يزال هناك مقاتلون “عراقيون” منخرطون في النزاع الذي نشب في سوريا قبل أربعة عشر عاما، ويتجدد بقوة في هذه الأيام.
في كل الأحوال، الأزمة سورية بامتياز، وليست عراقية مطلقاً، من حيث التصنيف الرسمي لها، فما هي المبررات التي تجعل العراق موردا للمقاتلين المنظمين نحو سوريا، أهو قرار من الحكومات العراقية المتعاقبة بالتنسيق التعاوني مع دمشق من دون الإفصاح عن ذلك أم انه جزء من مشروع محور “غير عراقي” مفروض على البلد، انطلق منذ سنوات ولا يزال فاعلا برغم كل الويلات التي اصابت المنطقة والعراق في مقدمتها؟
هذا سؤال يحتاج الى إجابة سيادية المعنى.
التصنيف العالمي -الأمريكي، لا يزال يعتبر تنظيم ما يسمى “الدولة الإسلامية” المهزوم نشيطا في بعض الأراضي العراقية والسورية ويشكل تهديدا كبيرا يستدعي بقاء التعاون الفعلي العسكري مع قوات التحالف في بلدنا في الأقل، لمواجهة هذا التنظيم. اذن العراق الذي انتصر على الإرهاب رسميا، لا تزال لديه مشكلة مشخصة ولا نعرف حجمها الحقيقي أو الافتراضي ومدى توقيتات ظهورها على السطح بقوة، وهنا من الاجدر أن يهتم العراق بحفظ حدوده من الاختراقات والنأي بنفسه عن أي عمل عسكري “رسمي أو غير رسمي” خارج البلد، فـ»الذي فينا يكفينا».
وهذا لا ينفي انّ العراق من الممكن أن يدعم جهود الاستقرار في سوريا ووحدة أراضي هذا البلد بقدر تعلق الامر بالأمور السيادة المعروفة.
العراق لا يمكن أن يكون خارج نسق ما يجري بين الأطراف الدولية والإقليمية والذي تجلى في اليومين الاخيرين من خلال الاتصالات الروسية الإيرانية وكذلك التصريحات الامريكية والتركية.