فاتح عبد السلام
مهما حاول رئيس الحكومة الإسرائيلية نتانياهو جذب اهتمام الرئيس ترامب ودعمه لجعل الحرب المندلعة في لبنان وقطاع غزة هي الأولوية، فأنّ روسيا تظل العنوان الأكبر الذي سيشغل المساحة البارزة في عمل ترامب في الأيام المقبلة، فهذه الحرب الدائرة في أوكرانيا مفتوحة على مسارات خطيرة وكارثية للولايات المتحدة وحلفائها تحت ظل التهديدات النووية، ودخول كوريا الشمالية النووية في اتفاق دفاع استراتيجي مشترك مع روسيا.
ما يريده نتانياهو هو جذب اهتمام ترامب الى التهديد الإيراني برد عسكري محتمل على اهداف إسرائيلية بعد الضربات المتبادلة في الأسابيع الماضية، لكن إيران بحد ذاتها هي “ملف خاص” ينتظر المعالجة الدقيقة لدى إدارة ترامب الجديدة بعد تسلم الزعامة في شباط المقبل، ذلك انّ خبرة ترامب السابقة و”الثارات” المتبادلة له مع ايران، لاسيما بعد توجيه القضاء الامريكي الجمعة الاتهام رسميا لقاتل إيراني مكلف خطة اغتيال ترامب بأوامر من طهران بحسب القضاء. كل ذلك سيجعل التعاطي مع إيران قضية شائكة، خارج تحديدات دورها في تمويل حزب الله لقصف إسرائيل، إذ انّ ذلك “تفصيل وظيفي» غير نهائي وقابل للتحوير والتغيير.
الرسالة التي نقلها عبر الهواء بعد فوز ترامب، ابرز مستشاري المرشد الإيراني الأعلى توحي بأنّ الرد الإيراني الذي روّجت له الدوائر السياسية والعقائدية الإيرانية هو مجرد خيار، وانّ حديث
لاريجاني عن ضرورة نبذ لغة الانفعال العاطفي في الردود يؤكد انّ الحكاية لا علاقة لها بتحرير القدس ودعم محور المقاومة ومساندة طوفان الأقصى، وما يجري شبيه حرفي بما قاله عادل امام باللهجة المصرية في أبرز مسرحياته:”سيب أنت.. وأنا أسيب»
في المقابل، من الصعب التكهن بمسارات ترامب الدقيقة في التعاطي التفصيلي مع الملفات الكبرى، اذ ربّما تدفع بعض التفاصيل الى انهيارات وأحداث غير متوقعة وغير خاضعة للبرمجة المتداولة، كما حصل حين أعطى ترامب في ولايته السابقة الأوامر بتصفية قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني، وهو الحدث الذي لم تتوقعه اية جهة معنية بالشرق الأوسط.
من المرجح انّ رئاسة ترامب ستشهد مفاجآت معينة، فنجاة ترامب من الملاحقات القضائية الضخمة في السنوات الاخيرة كانت مفاجأة، وفوزه اليوم بالرئاسة على نحو مكتسح لا يقبل اللبس وبفارق كبير، مفاجأة أخرى. فالرجل قادم من رحم مفاجآت، ولابدّ أن يتحف عهده بمفاجآت ما.