فاتح عبد السلام
عاد دونالد ترامب رئيساً، وقد غدا العالم «وجوداً مأساوياً مختلفاً»، ليس كما تركه حين غادر زعامة الولايات المتحدة قبل اربع سنوات.
تركة ثقيلة امام ترامب، على صعيد العالم، اذ تندلع منذ وقت ليس بالقصير، حربان كبيرتان وتحيطهما آمال ضعيفة بالإنطفاء، وسط احتمالات ان تتكاثر الحروب على نحو غير مسبوق.
ربما يرى بعضهم في عودة ترامب فرصة للاستمرار في الحروب حتى تحقيق أهدافهم. ليس شرطا ان الجميع ينتظر ترامب ليكون رجل إطفاء الحرائق. كما وعوده الانتخابية التي ذكر فيها انه سينهي حرب روسيا وأوكرانيا او حرب غزة في ساعات، لن تكون على المحك والمساءلة من اية جهة لان الامريكان لا يزالون ينظرون الى هاتين الحربين كونهما خارج مدى التأثير على الولايات المتحدة، وانّ متابعة الوعود الانتخابية ستكون خاصة بالشؤون الداخلية ووضع الاقتصاد والصحة، فالأمريكان غير معنيين كثيراً بالملفات الخارجية العالمية، كما نفكر نحن في بلداننا المرهونة من زعامات مختلة العلاقة مع شعوبها وتأمل بنظرة من العين الامريكية ليس أكثر.
في المقابل، هناك إعادة جدولة للأولويات والشعارات والطموحات أيضاً، لكثير من الدول، وأولها ايران التي بات رئيس الحكومة الإسرائيلية نتانياهو يحمل ملفها الشائك تحت ابطه ليل نهار، بعد ان جرى فتح صفحة المواجهة المباشرة بينهما، بالرغم من قلة السطور المكتوبة فيها ووهن الخط.
لكن هناك فترة مناسبة تمتد الى شهر فبراير -شباط- المقبل، موعد دخول ترامب رسميا الى مكتبه في البيت الأبيض، ويمكن خلالها تريب كثير من أوراق الصراعات بما يلائم التعاطي الهادي لترامب مع استحقاقات الشهور التعيسة الماضية.
في كل الأحوال، هناك عالم قد خرج من ثوب السلام برغم من انه كان ثوباً مهترئاً الى عراء الحروب، و سيكون حتميا على ترامب إعادة هذا العالم ليرتدي ثوبه الأول، وهذا أمر شبه مستحيل بعد تمزق ذلك الثوب وانكشاف الكثير من العورات، وفي حال الفشل في ذلك سيكون عليه حتميا أيضاً الانخراط في تلك الحروب بشكل أوسع.
لا خيار أمام المهمات العالمية الجسيمة والخطيرة، إلا أن نرى رئيسا جديدا في البيت الأبيض يحمل اسم ترامب الثاني.