حُط بالخُرج ..!!

حسين الصدر

ما إنْ يذكر المال وأصحابه الأثرياء حتى يسيل لُعابُ الكثيرين من ذوي الشخصيات الضعيفة الخاوية التي لا تقيم وزنا الاّ للمال والثراء ، وتتعامل مع ذوي القدرات المالية المتميزة تعاملاً خاصاً حيث تُصدّق أكاذيبهم ، وتغض النـــظر عن قبائحهم ، وتتبصبص لهم كما يتبصبص القط لصاحب اللحم الدسم .

-2-

وانهم ليدورون حول ذوي المال طلباً لصداقتهم ومحبتهم ،في منحى أشعبيّ بغيض، يُزري بكل القيم الأخلاقية والإنسانية .

-3 –

وفي كتابة الممتع النفيس ( حُط بالخُرج ) يُوردُ الأستاذ الأديب الباحث الموسوعي محمد احمد معبر شواهد شعرية تعكس بوضوح تلك الانعطافة المشؤومة نحو المال وأهله عند ضعاف النفوس، الذين يتنكرون حتى لاقربائهم اذا ما ضاقت بهم الحال بعد يسر وسعة .

يقول احد الشعراء شاكيا بني عمه المُعِرْضِين عنه حال إعساره :

وكان بنو عمي يقولون مرحبا

فلما رأوني معسراً مات مَرْحبُ

( راجع حُط بالخُرج للأستاذ الاديب محمد احمد المعبر ص 18 )

فاذا كان هذا الحال مع القريب المُعسر فكيف به مع الذين لا تربطهم به رابطة القرابة ؟

ولقد قالها أحد الشعراء بصراحة :

ما أحسن الدين والدنيا اذا اجتمعا

وأقبحَ الكفرَ والافلاسَ في الرجل

فالافلاس معطوف على الكفر .

-4-

وقال شاعر آخر :

اذا قلَّ مال المرء قَلّ صديقُهُ

وأومتْ اليه بالعيوبِ الأصابِعُ

يشار الى المملق بالأصابع ، وتذكر عيوبه بلا هوادة ، ويزهد في صداقته الزاهدون

راجع المصدر السابق / ص18

-5-

ومن المهم للغاية التذكير بانَّ قيمة الانسان ليست بما يملك من ذهب وأموال، وانما هي في عقيدته ومواقفه ومشاريعه الفكرية والإنسانية وايثاره وتضحياته من أجل الدين والشعب والوطن .

ومن هنا :

فان العلماء تموتُ أجسادُهم ولا يموتُ ذِكْرُهم .

انهم كما قال الشاعر :

يموتُ قومٌ فَيُحْي العلمُ ذِكْرَهُم

والجهلُ يُلحق أمواتاً بأمواتِ