حوكمة المياه العابرة للحدود

محمد بهجت ثامر

تواجه المنطقة العربية تحديات بيئية فرضها ندرة المياه وتحتم على دول المنطقة اعداد سيناريوهات مسقبلية لكي تتصدى لهذه التحديات بجدية ، إذا ما أرادت تحقيق التنمية المستدامة وبلوغ مستويات من الازدهار الاقتصادي ، لذلك فأن مجابهة تحديات المياه اليوم من شأنه تعزيز القدرة على مواجهة الأزمات والتعافي من آثارها، وذلك عن طريق إدارة المخاطر المترتبة عن أزمات مثل الهجرة من الريف الى المدينة أو الانهيار الاقتصادي أو النزاعات الإقليمية، وهي أزمات قد تنشأ في المستقبل القريب إذا ما تقاعسنا عن التصدي لأزمة المياه الحالية ويتطلب حل هذه الأزمة إحراز تقدم مضطرد نحو أنظمة سياسية واجتماعية واقتصادية وإدارية تقنن الاستخدامات المختلفة للموارد المائية وإمدادات المياه، وسبل إدارتها وتطويرها بما يحقق قدراً أكبر من الفاعلية والاستدامة والإنصاف وبشكل استراتيجي .برز مفهوم “حوكمة المياه” منذ تسعينيات القرن العشرين وتزايدت أهميته منذ تبني هذا المفهوم من قبل المنتدى العالمي الثاني للمياه والذي عقد في لاهاي عام 2000، عندما شددت “الشراكة العالمية للمياه” على أن الأزمة المائية هي بشكل أساس أزمة حوكمة حيث اتفق فيه الأطراف المجتمعة على أن مشكلة المياه في العالم هي مشكلة إدارة وليست مشكلة ندرة فقط .يقصد بحوكمة المياه ““هي مجموعة من النظم السياسية والإجتماعية والإقتصادية والإدارية المعمول بها لتطوير وإدارة الموارد المائية وخدمات المياه في مختلف مستويات المجتمع”. في حين عرفه البنك الدولي بأنه “أسلوب ممارسة القوة في إدارة الموارد الاقتصادية والاجتماعية للبلاد من أجل التنمية . ومن أشهر تعريفات حوكمة المياه تعريف “بيتر روجرز “الحوكمة المائية : هي مجموعة من النظم السياسية والاجتماعية والاقتصادية والإدارية الملائمة لتطوير وإدارة الموارد المائية وتقديم الخدمات المائية على مختلف المستويات “ لذلك فان حوكمة المياه مرتبطة بشكل مباشر وأساسي بالناس ومصالحهم الحيوية. ويتطلب ذلك إشراك جميع أصحاب المصلحة وحل النزاعات وتعبئة الطاقات بطريقة متماسكة لتحيق التنمية المستدامة للموارد المائية في دول المنطقة. وبمعنى أخر فإن الحوكمة تعنى وجود نظم تحكم العلاقات بين الدول المتشاركة في الموارد المائية من خلال تحديد التدابير الأساسية من أجل إدارة فاعلة وكفؤة للموارد المائية ، لتحقيق التنمية  المستدامة على مستوى المنطقة العربية برمتها.