( يد فاطمة ) تطرق الذاكرة  فتخفق القلوب

مروج العبيدي

كانت و مازالت (يد فاطمة)  كما سميت بها ( مطرقة الباب ) ظاهرة تراثية رائعة ، عبرت عن أصالة التراث العربي بفنونه الشعبية والتي تعكس رقي الذوق ، وتطور الفن ، وتقدم الحضارات آنذاك. ولا سيما عند ظهور الأبواب الخشبية فترة تقادم الازمان  وتطور البنيان و بالأخص في العهد العثماني ...بعد ان كانت ابواب البيوت في عصر الجاهلية والعصر الاسلامي عبارة عن حاجز من القماش او لوحة من الخشب لستر البيوت ليلا ، خوفا من الحيوانات المفترسة و ما شابه ومن ثم ازالتها في الصباح.

فلم يقتصر دور الابواب للستر والأمان وحفظ الانسان من الاخطار الخارجية والبرد والمطر فقط، بل اهتم المعمار العربي القديم بصناعة الأبواب وزخرفتها بالشكل الذي يُعطي الانطباع الأول تجاه البيت ، كونه المدخل الذي يعبر عن كرامة اهله والواجهة الرئيسية للضيوف واهل المنزل للولوج الى الداخل ..لذا فقد برز هنا دور المطرقة  والظاهر أن العثمانيين اول من إستخدمها كاداة يستعان بها للطرق على الابواب إشعارا بوجود شخص في الخارج بدلاً من الطرق باليد أو المناداة بالصوت... و لإضفاء الجمالية الى المنازل .. لذلك قام المعماريون بصناعتها والتفنن بتشكيلها وتصميمها بأروع صورة.و أخذت مطارق الأبواب هيئات وأشكال متعدد .. لكن أبرزها وأهمها وأكثرها شيوعاً تلك التي أخذت شكل ( قبضة اليد ) المؤلفة من خمسة أصابع للتشبه والتمثل بيد الطارق .. كذلك إن بعض هذه المطارق يتضمن معاني رمزيّة كهيئة هلال ، لأن الهلال يرمز إلى الإسلام من جهة وإلى الخير من جهة أخرى.

وكان لا بد من وجود مطرقتين على الباب.. إحداهما صغيرة والأخرى كبيرة .. فعندما يُطرق الباب بالمطرقة الصغيرة يُفهم إن الذي يطرق الباب امرأة ، فتذهب سيدة من داخل البيت لتفتح الباب .. وعندما يكون الطرق بالمطرقة الكبيرة يفهم من ذلك إن على الباب رجل فيذهب رجل ليفتح الباب.

ومع تطور الحياة الاجتماعية والمدنية والميدانية ،  اندثر استخدام المطرقة تحت ركام الزمن ليحل محلها

( الجرس الكهربائي )  والذي الغى دور تلك الأداة بشكل كامل ..فلم يبق من هيكلها إلا جمال ذكرها وتفاصيل حضورها الغائب الحاضر في الذاكرة .