الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
اقمعوهم‭ ‬إنّهم‭ ‬حسينيون‭!

بواسطة azzaman

اقمعوهم‭ ‬إنّهم‭ ‬حسينيون‭!

فاتح‭ ‬عبد‭ ‬السلام‭ ‬

 

كان‭ ‬الخبر‭ ‬غريبا‭ ‬للغافلين‭ ‬عمّا‭ ‬يجري‭ ‬في‭ ‬دهاليز‭ ‬عقليات‭ ‬سلطوية‭ ‬مقفلة،‭ ‬حين‭ ‬أعلنت‭ ‬كوريا‭ ‬الجنوبية‭ ‬انها‭ ‬صدرت‭ ‬الى‭ ‬العراق‭ ‬مليون‭ ‬ومائتي‭ ‬ألف‭ ‬قنبلة‭ ‬مسيلة‭ ‬للدموع،‭ ‬بوصفه‭ ‬ثاني‭ ‬أكبر‭ ‬مستورد‭ ‬لهذا‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬القنابل‭ ‬منها‭ ‬في‭ ‬العالم‭. ‬يبدو‭ ‬اننا‭ ‬في‭ ‬انتظار‭ ‬ان‭ ‬تعلن‭ ‬دول‭ ‬أخرى‭ ‬عن‭ ‬استيرادات‭ ‬عراقية‭ ‬جديدة‭ ‬من‭ ‬صناعاتها‭ ‬القمعية‭ ‬كالعصي‭ ‬الكهربائية‭ ‬الصاعقة‭ ‬والرصاص‭ ‬المطاطي‭ ‬وسوى‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬الأسلحة‭ ‬الفتاكة‭ ‬ضد‭ ‬الأجساد‭ ‬الواهنة‭ ‬للعراقيين‭ ‬الذين‭ ‬لم‭ ‬يعودوا‭ ‬يمتلكون‭ ‬شيئاً‭ ‬سوى‭ ‬أصواتهم‭ ‬يرفعونها‭ ‬من‭ ‬اجل‭ ‬فرص‭ ‬عيش‭ ‬وعمل‭ ‬لائقة‭ ‬بالبشر‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬متوافرة‭ ‬على‭ ‬تراب‭ ‬بلاد‭ ‬الرافدين‭ ‬المزدحم‭ ‬بامتيازات‭ ‬الوزراء‭ ‬والنواب‭ ‬والمسؤولين‭ ‬والمكاتب‭ ‬الاقتصادية‭.‬

هؤلاء‭ ‬العراقيون‭ ‬من‭ ‬خريجي‭ ‬الكليات‭ ‬الطبية‭ ‬لم‭ ‬يخرجوا‭ ‬الى‭ ‬الشارع‭ ‬ليوقفوا‭ ‬تيارات‭ ‬الفساد‭ ‬المكتسحة‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬رادع‭ ‬إلا‭ ‬بالألفاظ‭ ‬والديباجات،‭ ‬ولم‭ ‬يخرجوا‭ ‬من‭ ‬اجل‭ ‬اعتقال‭ ‬كبار‭ ‬الفاسدين‭ ‬الذين‭ ‬تحميهم‭ ‬القوانين‭ ‬والتعليمات‭ ‬المقننة‭ ‬لصالحهم،‭ ‬ولم‭ ‬يخرج‭ ‬أولئك‭ ‬الفقراء‭ ‬بحثاً‭ ‬عن‭ ‬امتيازات‭ ‬في‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬قطعة‭ ‬أرض‭ ‬سكنية‭ ‬كحق‭ ‬عادي‭ ‬لكل‭ ‬مواطن‭ ‬ينتمي‭ ‬لأرض‭ ‬يعيش‭ ‬عليها‭ ‬وتسمى‭ ‬في‭ ‬الأوراق‭ ‬الرسمية‭ ‬وطنه‭.‬

‭ ‬انهم‭ ‬خرجوا‭ ‬متوهمين‭ ‬انّ‭ ‬لهم‭ ‬حقوقا‭ ‬في‭ ‬الديمقراطية‭ ‬المزعومة‭ ‬التي‭ ‬تبيح‭ ‬لهم‭ ‬الاعتراض‭ ‬على‭ ‬المسار‭ ‬الخاطئ‭ ‬والمطالبة‭ ‬بالحقوق‭ ‬الاساسية‭ ‬لهم‭ ‬لكي‭ ‬يشرعوا‭ ‬في‭ ‬الخطوة‭ ‬الأولى‭ ‬للعمل‭ ‬في‭ ‬بلادهم‭.‬

هؤلاء‭ ‬الخريجون‭ ‬الذين‭ ‬فتكت‭ ‬بهم‭ ‬هراوات‭ ‬القمع‭ ‬وسفحت‭ ‬دماء‭ ‬العديد‭ ‬منهم‭ ‬في‭ ‬الشارع،‭ ‬هم‭ “‬الحسينيون‭” ‬حقا‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬المعنى‭ ‬والتأسي‭ ‬والاقدام‭ ‬والروح،‭ “‬الحسينيون‭” ‬الذين‭ ‬يتشبهون‭ ‬بأخلاق‭ ‬جدهم‭ ‬الحسين‭ ‬عليه‭ ‬السلام‭ ‬في‭ ‬انه‭ ‬خرج‭ ‬للإصلاح،‭ ‬والإصلاح‭ ‬شعبة‭ ‬من‭ ‬شعب‭ ‬المطالبة‭ ‬باستعادة‭ ‬الحقوق‭ ‬وحتى‭ ‬الموت‭ ‬في‭ ‬سبيلها‭.‬

لا‭ ‬حق‭ ‬دستورياً،‭ ‬أو‭ ‬قانونياً،‭ ‬أو‭ ‬أخلاقياً،‭ ‬أو‭ ‬عرفياً،‭ ‬أو‭ ‬أمنياً،‭ ‬لأي‭ ‬يد‭ ‬تمسك‭ ‬بسلطة‭ ‬جزئية‭ ‬او‭ ‬كلية‭ ‬ان‭ ‬تقمع‭ ‬هؤلاء‭ ‬الجوعى‭ ‬والمقهورين‭ ‬والمدمرين‭ ‬في‭ ‬طموحاتهم‭ ‬وأرواحهم‭ ‬بعد‭ ‬ان‭ ‬وصلوا‭ ‬الى‭ ‬سن‭ ‬اليأس‭ ‬الاجتماعي‭ ‬والسياسي‭ ‬والنفسي‭ ‬في‭ ‬وضع‭ ‬عقيم‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬جوانبه‭ ‬حولهم‭.‬

السلطات‭ ‬لم‭ ‬تحتمل‭ ‬هتافا‭ ‬ضد‭ ‬فاسدين،‭ ‬والسلطات‭ ‬لم‭ ‬تحتمل‭ ‬أصواتاً‭ ‬من‭ ‬اجل‭ ‬نيل‭ ‬لقمة‭ ‬العيش،‭ ‬فأية‭ ‬ديمقراطية‭ ‬يتبجحون‭ ‬بها،‭ ‬واية‭ ‬حياة‭ ‬كريمة‭ ‬يعدون‭ ‬بها‭ ‬العراقيين،‭ ‬وأي‭ ‬مصير‭ ‬ينتظر‭ ‬هذا‭ ‬الجيل‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬يتخرج‭ ‬بعد‭ ‬في‭ ‬المعاهد‭ ‬والكليات؟

 

رئيس‭ ‬التحرير‭-‬الطبعة‭ ‬الدولية

fatihabdulsalam@hotmail.com


مشاهدات 197
الكاتب فاتح‭ ‬عبد‭ ‬السلام‭ ‬
أضيف 2024/09/04 - 6:28 PM
آخر تحديث 2024/09/14 - 12:51 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 368 الشهر 5632 الكلي 9994254
الوقت الآن
السبت 2024/9/14 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير