التكامل الحكومي العشائري في مواجهة أفة المخدّرات

مارد عبد الحسن الحسون

تلقيت خلال الايام القليلة الماضية عدداً من الرسائل النصية من أصدقاء ومعارف  ومتابعين  يريدون  رأيي ،بشأن مالذي تستطيع العشائر ان تفعله في مواجهة  افة المخدرات ، وكيف السبيل الى تنسيق خطواتها مع الجهات الامنية ذات الاختصاص ، واعني مديرية مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية في وزارة الداخلية .

 بعض الرسائل التي تلقيتها جاءت ضمن أسئلة مباشرة واضحة  ، ما  الذي يمكن عمله في هذا الشان ، كيف تكون الاليات الخاصة بذلك  ، ما حجم (العونة ) التي يمكن ان تؤديها  العشائر من محتوى حماية ابنائها بالدرجة  الاساس من مخاطر هذه الآفة ،  وفي الوقت نفسه اداء الواجب الوطني العام في التصدي للظاهرة  التي اخذت تستشري في بلادنا مع الاسف بالمزيد من التفاقم حيث لايمر يوم واحد دون ان يكون هذا الموضوع على منصة التداول  ،واذا كان لي ان اشكر الذين سألوني لثقتهم  بما أدلي به  ،اقول لهم وفق اعتقادي الحاسم ان مواجهة هذه الافة بالنخوة العشائرية ممكنة جدا اذا توفر حد أدنى من العزيمة على تبني  مشروع  وطني حكومي عشائري  ، ولتسهيل الامر في رسم توجهات تطبيقية  أعتقد ان أعتماد مثل هذه المسؤولية ينبغي ان يمر عبر النقاط الاتية :-

1- لا يكتب النجاح لمهمة التصدي العشائري للمخدرات الا بضبط المناطق العشائرية الحدودية والتنسيق بينها وبين المخافر الحدودية مع حقيقة ان مهربي المخدرات يستخدمون معابر غير شرعية لتمرير المخدرات ويتطلب الامر الاهتمام الحكومي بتنمية هذه المناطق  لأن لجوء البعض الى تجارة المخدرات بسبب البطالة وقلة فرص العمل  مع نقص الوعي ونقص الوازع الديني  ، من هنا ينبغي الاشتغال على  هذا التوجه الذي يحتاج اصلا الى ذلك  والى تعزيز العمل الاستخباري هناك بالمزيد من اليقظة  .

آلية امنية

2- التعاون الحكومي العشائري في وضع اليد الامنية الخاصة بذلك في المناطق العشائرية بعد ان تحولت  الى مواقع تخزين للمخدرات ، إن لم تكن هناك مصانع لأنتاجها وهنا ياتي دور رئيس العشيرة ووجهائها في ان يكونوا عيون ساهرة في حماية مناطقهم  لمنع ان تكون بؤر تجمع لهذا النشاط التجاري المحرم مع ملاحظة لابد منها  ان اغلب الاشتباكات الامنية في ملاحقة تجار المخدرات تجري في مناطق عشائرية ، أو في ضواحي المدن  ، والوضع ايضاً يحتاج الى اعتماد المزيد من فرص التنمية البشرية المستدامة لأيجاد فرص عيش كريم للشباب في تلك المناطق .

3-  لابد من الاعتراف ، أنه لحد الان لاتوجد برامج عمل مشتركة بين العشائر والحكومة على هذا الطريق والامر عموما بحاجة الى خريطة  طريق يمكن ان تتمخض عن ندوة او مؤتمر بأختصاص التعاون العشائري مع الحكومة في مواجهة الافة  وليس من الصعوبة ان يتم  الاعداد لمثل هذه الندوة  ،أو المؤتمرللخروج بتوصيات ومقترحات تضع الجميع أمام مسؤوليات واضحة مع تعهد اخلاقي تطبيقي في تنفيذها  وحسب معلوماتي فانه لم يتم  حتى الآن أعداد  توجهات  على درجة من الالتزام ، صحيح ان هناك شيوخ عشائر تبنوا أفكاراً من هذا النوع ،لكنها ظلت مبادرات يتيمة في كل الاحوال بينها الخطر يحتاج الى عملية تعبوية بكل ما تعني هذه الكلمة من دلالة  .

4- لا تكفي الإجراءات الامنية وملاحقة تجارها ومروجيها ه  في وضع حد لأنتشار  المخدرات ،وانماء اعطاء فرصة للتوبة وهنا ياتي دور رؤساء العشائر في اعتماد النصح والمشاورة  والتحذير  ،ولي هنا ان اشير الى  ما اقوم به من واجبات تبايغية وتثقيفية وتحذيرية بحكم مسؤوليتي شيخ عام بني عارض وكذلك بحكم مهمتي ضمن هيئة الرأي المجتمعية .

5- من تجربتي  في القضاء العراقي ، يساهم الحسم السريع والدقيق للقضايا الجزائية   الى حد بعيد في الردع ،  كما ان تغليظ العقوبة من شانه هو الاخر في  ان يكون عامل ردع  يمنع  التورط في هذه الجرائم المخلة بالشرف

6- هناك علاقة قوية بين محركات الفساد ومحركات تجارة المخدرات وترويجها ،مثلما هناك رابط بين انفلات السلاح داخل المجتمع العراقي وجرائم المخدرات ،ومن شواهد ، الاصطدامات المسلحة بين الجهات الامنية وتجار المخدرات يتبين لنا ان هناك مافيات سرية وراء هذه التجارة المحرمة ولذلك لا يمكن النجاح في  مهمة التصدي لها لم يتم معالجة  ظاهرة السلاح غير المرخص بصورة جدية مع ترشيد في منح اجازات حمل السلاح  

انني اذ  أشير إلى هذه النقاط الست فلا بد من أن اذكر القارئ الكريم والمعنيين ان  طرق النجاح في هذه المهمة الاصلاحية متوفرة اذا توفر حد وازن من المواظبة عليه والاستمرار فيه والا تنهار الجهود .