فاتح عبد السلام
ثارت ضجة في العراق حول تعديل قانون الأحوال الشخصية، والذي رأى فيه بعضهم انصافا لحقوق مذهبية دينية فيما لا يرى اخرون فيه سوى التكريس الممنهج لفصل العلاقة التنظيمية لقوانين الدولة المدنية عن حياة المواطنين وشؤون حياتهم بوصفهم أبناء مجتمع واحد تتعدد تنويعاته كأي بلد آخر.
المرأة هي الجانب الأكثر أهمية في التعديلات المقترحة والتي يدفع بها ذوو النعرات الطائفية لتتصدر المشهد بشكل مستفز مرة ثانية من دون النظر الى حاجة البلد الى حالة من الاستقرار في التعاطي مع الوضع القانوني المنظم للحياة، وهذا يرتبط بالسؤال حول المغزى في توقيت اثارة هذا التعديل في فترة برلمانية صعبة وهشة، اذ مجلس النواب العراقي من دون رأس منذ شهور، وانّ عملية المجيء برئيس جديد للمجلس باتت معقدة وتندرج ضمن السقف الخفيض لفهم ضرورات الحاجة لاستقرار البلد، بعيدا عن الانغماسات في أعماق الانقسامات والمحاصصات.
غير انّ اللافت هو ضعف صوت المرأة العراقية التي تشكل ربع مقاعد عدد مجلس النواب، كما ان الأصوات النسائية الحرة خارج التشكيلات البرلمانية والحكومية وفي نطاق المجتمع تبدو في أضعف حالاتها وغير قادرة على الاضطلاع بمهمة التنوير المستحقة، والمسألة ليست مرتبطة بفترة الجدل حول هذا القانون وانما في مجمل ما يخص الشؤون العامة للنساء.
الأحزاب هيمنت على مسارات عمل النساء وتفكيرهن، فصرن ناطقات بأسماء الأحزاب، وليس لديهن من القول والرأي ما يعزز دورهن في بناء المجتمع، والنساء المستقلات في مجالات اكاديمية وتربوية وعلمية لم يعد لديهن هامش الحركة والتفاعل لأنّ أدوارهن مصادرة لحساب الرأي المقنن المنسجم مع الحالة العامة.
انَّ المنعطفات التي يجب أن يكون للنساء القائدات في المجتمع الرأي والموقف لاسيما في مجال القوانين، باتت دليلا على ان نسبة تمثيل النساء في البرلمان هي نسبة سياسية غير فاعلة وملحقة بمراكز التوجيه الحزبي وسواها التي توثر في مجريات الأمور. في الجانب الآخر هناك أمل في خلال كمية الوعي برغم كبته، ذلك ان المجتمع العراقي لابد ان يعود الى مسار تصاعدي تنويري في الحياة وليس مسارا انتكاسياً تجهيلياً نرى علاماته في كل مكان.
رئيس التحرير-الطبعة الدولية