الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
من يصنع الأخبار الكاذبة؟

بواسطة azzaman

أذن وعين

من يصنع الأخبار الكاذبة؟

عبد اللطيف السعدون

 

تجد الاخبار الكاذبة والمزيفة السوق مفتوحا أمامها في أوقات الأزمات الحادة، اذ عادة ما يبحث المرء عن خبر يخفف من وقع الأزمة عليه، وقد يتعاطف مع الخبر الكاذب اذا كان يستجيب لرغبة في نفسه، ويجد الدافع لديه لترويجه مع ادراكه لزيفه أو شكه في صحته.

وفي الأزمات السياسية التي مرت بالعراق جرى تسويق الكثير من الأخبار الكاذبة أو المزيفة التي تهدف لاسقاط شخصية معينة أو تلميع أخرى، أو لمجرد التضليل والخداع أو الضحك على الذقون، ولعبت شياطين الانترنيت دورها في تسويق ونشر هذا النمط من الأخبار،

وقد يكون البعض حسن النية وهو يسوق أخبارا كهذه لكن صناعها في الغالب ليسوا كذلك اذ أن هدفهم هو الخداع والتضليل، وقد يرتد ذلك عليهم بالضرر حتى لو تأخر كشف الحقيقة لزمن، ويعود بضرر أكبر على المتلقين الذين قد يتخذون قراراتهم على وفق تلك الأخبار، وربما يبدو محمودا اعلان ميثاق «اخلاقي» يحدد الأطر المهنية لوسائل الاتصال بما يساعد على نشر الحقائق، وكشف الزيف والكذب، لكن المشكلة أننا نعيش في عالم مفتوح تعمل فيه شبكات الأخبار على مدار الساعة، يكفي أن نعرف أن هناك ثمانية وثمانين مليون حساب كاذب على الفيسبوك، وربما تجد مثلها على توتير وانستغرام وغيرها مما يجعل مهمة تدقيق الأخبار وتمحيصها أقرب الى المستحيل، وقد تستدعي جهدا ووقتا يمكن للخبر الكاذب معهما أن يصل الى جمهور أوسع وأكبر، وقد قيل ان الخبر الكاذب يستطيع أم يدور حول العالم في لحظات فيما يكون الخبر الصادق لا يزال يدور حول نفسه، ويشكل فقدان القيم وانعدام الوعي اهم عاملين في فبركة الاخبار وترويجها، خاصة وان الناس في المجتمعات متدنية الوعي لا يابهون بالبحث عن الحقيقة، انما يريدون الأخبار التي ترضي تطلعاتهم.

يذكرنا أوسكار أرنال الباحث الفنزويلي في شؤون الاتصال أن أية أخبار مفبركة ذات نية مقصودة أبديولوجيا أو اعلاميا تسيء الى الرسالة الاعلامية، وتؤدي الى افساد الراي العام، وان حملات التشهير المدبرة بشكل متقن يقوم بها المتعصبون الذين يتمسكون بخيار شمشون ولا يضيرهم أن يهدموا المعبد على ساكنيه!

ولا تبدو هذه الظاهرة جديدة أو مستحدثة ولكنها اكتسبت راهنيتها من تطور وسائل الاتصال على نحو لا يعرف الحدود، والأخبار الكاذبة قديمة قدم الذاكرة البشرية ، صولون الحكيم والشاعر الذي حكم اثينا روج لحكاية خبازي المدينة الذين اخفوا القمح ليرفعوا سعر الخبز ليحكم عليهم بالسجن، وصدق الناس الحكاية لكن اتضح فيما بعد أن أحدا لم يحصل على القمح بسبب الجفاف الذي لحق بالمزارع، ونيرون الذي أحرق روما أعلن أن المسيحيين هم الذين دبروا الحريق.

أخبار مفبركة

وصدق الناس ذلك، وفي عصر (غوغل) نجد آلاف الأخبار المفبركة بعناية لدرجة أن كشف زيفها لم يمنع الكثيرين من اعادة ترويجها وتسويقها كلما شعروا بالحاجة الى ذلك فقد نسب البعض الى دونالد رامسفيلد وزير الدفاع الأميركي في عهد بوش اقراره في كتابه (المعروف وغير المعروف) أنه سلم المرجع الديني علي السيستاني مئتي مليون دولار مقابل اعطاء فتوى لأتباعه بعدم التصدي للغزاة الأميركيين مع أن الكتاب لم يتضمن كلمة واحدة عن واقعة كهذه، وقل نفس الشيء عن واقعة قيام الولايات المتحدة بالاتفاق مع (الأخوان) في مصر على تأسيس دولة اسلامية في سيناء، وأنها طلبت من دول صديقة الاعتراف بها، قيل ان ذلك ورد في مذكرات هيلاري كلينتون (خيارات صعبة)، والحقيقة أن المذكرات لم تشر الى شيء من هذا القبيل. ويظل مفتاح الحل هو في «فهم ما قيل ولماذا قيل» عبر عين فاحصة تتحقق من أي خبر يطوله الشك في صدقيته، وقد نجد أحيانا أن منشئ الخبر قد عمد الى  التمويه حتى على المصدر أيضا بطريقة أو بأخرى، هنا على المتلقي أن يتريث، وأن يفكر مرة وثانية وثالثة قبل أن يتبنى موقفا أو يتخذ قرارا.


مشاهدات 538
الكاتب عبد اللطيف السعدون
أضيف 2024/08/10 - 1:42 AM
آخر تحديث 2025/07/13 - 12:59 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 82 الشهر 7631 الكلي 11161243
الوقت الآن
الأحد 2025/7/13 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير