الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
هزل عراقي في زمن الجد

بواسطة azzaman

أذن وعين

هزل عراقي في زمن الجد

عبد اللطيف السعدون

أكثر ما لفت انتباهه في رحلة حنين قام بها الى العراق ان العراقيين بعد هذه السنين العجاف التي مرت بهم أخذوا يدارون أوجاعهم باجتراح النكتة وتداولها، ولاحظ ان الزائر للعراق هذه الأيام يندر ان يغشى مجلسا ما دون ان يسمع عديدا من نكات بعضها بريء، وبعضها جارح، وبعضها لا سبيل لترويجه لوقوعه في طائلة القانون، ويفلسف صديقي، وهو بالمناسبة مختص بعلم الاجتماع، أن المرء في أيما مجتمع قد يقف عاريا في مواجهة صعوبات الحياة وتناقضاتها، ولذلك نراه يعمد الى ممارسة المرح والدعابة وإطلاق النكتة كعامل مساعد على النظر الى الحقيقة بعين صافية، ولا يبدو في مسلكه هذا في تناقض مع جدية أفعاله ومواقفه بل على العكس اذ يعمل على التخفيف من توتراته، والتقليل من قلقه، ويشكل مصدرا لتهدئة مزاجه، وهكذا يحتاج المرء لجعل النكتة والدعابة في قلب استراتيجيته لبناء حياته، والتعامل معها كعنصر في الاندماج الاجتماعي، وكميزة مطلوبة في تكوين هويته.

يضيف أن النكتة تعلمنا كيف نضحك لأنها تستحث عافيتنا العاطفية والنفسية والاجتماعية، وهي لا تتصالح مع المحافظة على مواقف الاحتراس والرسميات والجمود والنمطية التي تضفي مزيدا من التوتر على مسلكنا، فيما يمثل الركون الى المرح خصلة إيجابية، تجعلنا نحس بالارتياح، وتمنحنا قدرا من الهدوء والرضا عن أنفسنا.

والعراقيون كغيرهم من شعوب الأرض عندما تحاصرهم الصدمات تخلق عندهم توترا متزايدا لكنها بنفس الوقت تدفعهم لمداراة الوضع بالنكتة والدعابة، والمسلك المرح، وهذا ينطبق عل كل ميادين الحياة والمجتمع، وبضمنها الميدان السياسي الذي يبدو ممتلئا أكثر من غيره بالصدمات الحادة، وبعضها قاتل ومميت، وفي مواجهة ذلك تصبح ممارسة التنكيت حاجة إنسانية تخلق حماسا على مواصلة العيش، وتخفف من الأعباء اليومية، وتعمق الشعور بالاطمئنان والأمان.

وللعراقيين في اطلاق النكات وترويجها تراث عريض، وقد عرفوا الصحافة الهزلية منذ بدايات القرن المنصرم، كما عرفوا الكاريكاتير الساخر، ودخلت التاريخ صحف «حبزبوز» و»قرندل» و»قزموز» و»كناس الشوارع» و»الفلقة» التي ساهمت في نقد الظواهر الشاذة آنذاك، والسخرية من المسؤولين ورجال الحكم الذين كانوا يستقبلون النقد بروح صافية، وثقة عالية بالنفس، حتى غاب هذا الهامش الديمقراطي مع سيطرة العسكريتاريا والأحزاب الشمولية على الحكم، وبلغ الأمر حد أن يعدم طبيب مشهور لإطلاقه نكتة في مجلس خاص اعتبرت ماسة بالرجل الأول في الدولة، كما أعدم قائد عسكري واعتقلت مذيعة معروفة بتهمة مماثلة.

ويبدو اليوم أن مواقع التواصل، فيس بوك وتويتر وغيرهما، وفرت مجالا مفتوحا لإطلاق النكات وترويجها، ووجد المواطن العادي فرصته في التعويض عن المرارات التي يعيشها في حياته اليومية بالنكتة والدعابة والمرح البريء.

وفرة نكات

ولم ينس صديقي وهو عائد أن يحمل في جعبته وفرة من نكات يتداولها الشارع العراقي هذه الأيام، واحدة منها تروي أن مواطنا اتصل بوزير الكهرباء ليبلغه أن ولده عين مديرا عاما لميناء الرمادي الدولي، سأله الوزير: ولكن الرمادي لا تقع على بحر فكيف يكون لها ميناء؟ أجابه المتصل: وكيف رضيت أن تكون وزيرا للكهرباء، والبلد ليس فيه كهرباء؟      

وفي نكتة ثانية، أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب في زيارة له للعراق واجهه شحاذ في بغداد وشكا له حاله، وعندما عاد الى واشنطن بعث مليون دولار الى الرئيس العراقي تبرعا منه الى الشحاذ، وعندما وصل المبلغ وضع الرئيس نصفه في جيبه، واتصل برئيس الوزراء ليقول له ان ترامب  بعث بنصف مليون دولار الى الشحاذ، وكان أن احتفظ رئيس الوزراء بنصف المبلغ لنفسه قبل أن يتصل بوزير الداخلية ليبلغه أن ترامب أرسل ربع مليون دولار الى الشحاذ، واحتفظ الوزير هو الآخر بنصف المبلغ وبعث بالباقي الى أمين بغداد ليسلمه بنفسه الى الشحاذ، وكان أن أرسل الأمين في طلب الشحاذ وقال له ان الرئيس ترامب يسلم عليك ويقول لك: الله يعطيك العافية 

وكم ذا في العراق من المضحكات!

 


مشاهدات 59
أضيف 2025/10/18 - 12:26 AM
آخر تحديث 2025/10/18 - 9:56 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 306 الشهر 11836 الكلي 12151691
الوقت الآن
السبت 2025/10/18 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير