عباس الحسيني
لم تكن ولادة علم التاريخ مبنية على آفاق البحث والمختبر المادي فحسب ، بل كانت الولادة استرجاعا للهم الإنساني المتمثل في ضياع الحق البشري في الأرض والتاريخ نفسه والتعبير والهوية والاستعادة من الطبيعة المتهمة بالخلق والتجريد
لم يقل التاريخ ان جيش المسلمين اسقط امبراطوريتين تاريخيتين مثلتا اعظم قوة عسكرية في وقتهما، وهما بلاد فارس وبيزنطه، فكيف تم ذلك لجيش قدم من الصحراء بلا خبرات وبلا عدة وبلا منهج حربي ؟
ولم يقل التاريخ ان واضعي النهج الذري كان مسعاهم الكوني إنهاء الكون نفسه بما لا يرى من الذرات لاستعادة مفهوم اعادة بناء العالم من اللاشئ ، اللاشيئية التي ابتكرها نيتشه وطورها التاريخانيون فيما بعد ولم يشرح لنا الممهدون ذلك الأمر
لم يقل لنا التاريخ ان اغلب مشاهير العرب من الفنانين والشعراء والسياسيين كان من بينهم الشاذ جنسيا والمتعاطون للمخدرات ومن الذين تآمروا على بلدانهم وإخوتهم وتسببوا في دمار شامل لاهلهم وأوطانهم وللتاريخ نفسه
وبمزيد من الاسى فقد أصبحت خيانة الأوطان شرفا وعزا يكرم به الخونه
لم يقل لنا التاريخ ان اغلب ملوك العرب كانوا من النصارى ولم يكن همهم الدين او الكنيسة وعاشوا بلا كنائس ولا اضرحة وبلا مذابح ، ولم يقل لنا التاريخ ان اغلب زوجات الأنبياء والأئمة كن من النصارى ايضاً ، فكيف نشأ أبنائهم وكيف ربتهم امهاتهم المسيحيات وقد شبوا وهم يحملون النهجين النهج الأمي في التنشئة والنهج الأبوي في الانقياد إلى دين الآباء
ولم يقل لنا التاريخ ان الأديان كلها دين واحد هو ان الدين عند الله هو الإسلام وإنما بقية الاتجاهات ملل لقوله : ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم .
ولم يقل لنا التاريخ ان الدراسة والعلم والاستحصال الأكاديمي طالما تحولوا إلى شر وضرر حشد تاريخ القتل والعساكر وصناعة الأسلحة ودس السم بين أبناء الشعب وتشويه الحقائق لكي تبدو ملاذا سرمديا للفشلة وانصاف الكتاب ومهرجي الشعر وصعاليك الأزقة الضيقة