الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
أبو الجسور

بواسطة azzaman

كلام أبيض

أبو الجسور

جليل وادي

 

الجميل في العراقيين ان النكتة حاضرة في حياتهم حتى في أحلك الأوقات، وبشكل تندري يطلقون أوصافا على من بيده الأمر، ومنها ما يثير الضحك، وبعضها يقلل من الشأن، اما تلك التي تُعلي من شأن قائد او رئيس فتكاد تكون من النوادر، لأن جل من تولى أمرهم لم يكن على هواهم، او لم تتوافق شخصيته مع سجاياهم، فالمعروف عن العراقيين شجاعة فائقة وغيرة فريدة ووطنية خالصة وكرم حاتمي يتعذر وصفه، ومع انهم يشتركون بهذه القيم مع غيرهم من خلق الله، لكن معانيها لديهم من العمق ما يجعلهم يختلفون بها عن غيرهم، يريدون قائدهم مشربا بطين الرافدين، ومطهرا بماء نهريه، ومعطرا بتاريخه العريق، وثاقبا بنظرته للمستقبل،  يفهم المقصود بلا كلام، أي انه يعرف ( الماكو ) الذي في دواخلهم قبل (الأكو) الذي يظهرونه بحسب عبارتهم الشهيرة (شكو ماكو)، فالذين تولوا عليهم لم يتمكنوا من الغوص في أعماقهم ليدركوا المخفي من كلامهم، ذاك الكلام الذي قمعته السيوف الباشطة، والمشانق الشاهقة، وبهذه الخصائص ليس من السهل ارضاء العراقيين.

لذلك تراهم يطلقون على من يتولى أمرهم أوصافا عبر تسميات تهكمية او عبارات مجازية، ومع ان الرئيس السوداني لم يسلم من تلك الأوصاف، كوصفه بأبي الجسور الذي يتعذر على المتابع معرفة ان كان هذا الوصف شعبيا أطلقه الناس ام روجت له الجيوش الالكترونية لمعارضيه، لكن الملاحظ ان السوداني يحظى بشعبية كبيرة وقبول واسع بين الناس أكثر من أي رئيس وزراء سبقه، بمعنى ان غالبية الناس راضية عنه، وهي حالة نادرة، ولم يأت هذا الرضا من فراغ أبدا، بل لأنه انحاز للناس وليس لمصالح رفاق العملية السياسية، فحلق في فضاء خدمتهم، وتحسس همومهم واحتياجاتهم طوال السنوات الثلاث التي شغلها، وان تأييده الذي تمثل بست وأربعين مقعدا برلمانيا هو حصيلة انجازات تلمسها الناس بأيديهم وشاهدوها بعيونهم، يريد العراقيون من يرفع عنهم الذل والمهانة التي يكابدونها في أبسط حقوقهم، ومن يعيد لهم كرامتهم التي انتهكها الفاسدون، يرغبون بمن يدير ظهره لمن سرق من أعمارنا عشرين عاما دون جدوى، او حتى بناء قنطرة على نهر، وليس جسرا كما قعل السوداني. ومع ذلك، فتسمية (أبو الجسور) التي أُريد بها الاساءة عبر التعتيم على الكثير من الانجازات التي حققها، وتحويل انتباه الناس عما ظهر على سطح الأرض من مشاريع، تُعد محل فخر، وتقف على النقيض من أوصاف تندرية عديدة اطلقها الناس على من سبقوه، وحضراتكم سمعتم بها وتعرفون أصحابها ولا داعي لذكرها، ومع ان لكل منهم ظرف عمل مختلف عن الآخر، لكن السوداني ترك بصمة خدمية واضحة ستعلق بالذاكرة ان بقي في منصبه او غادره، وهذا ما يجب أن يعترف به كل صاحب وجدان، اسألوا الناس لتتيقنوا، وطالما الحال هكذا فليس من الانصاف التفكير باستبداله

لم ألتق السوداني، ولا أعرفه ولا يعرفني، ولكن الحق يُقال ان الرجل عمل ما بوسعه على مستوى الخدمات، واستطاع أن يُخرج العراق من عزلته العربية والدولية، وصار للبلاد وزن وهيبة، وتمكن بحكمته من ابعاد النيران عن بلادنا، وعدم زجنا في أتونها المستعر، لم يكن السوداني انفعاليا كما الآخرون، فهو ليس كذاك الذي من أجل عشرة مليارات ضحى بنصف مليون عراقي، وأعادنا الى عصر ما قبل الصناعة، ولا مثل الذي لا يدري، ولا مثل الذي بدأ مرضيا عنه وانتهى خاسرا نصف العراقيين وثلث أرضهم، ولولا فتوى المرجعية لسحقت العراق سنابك خيل الظلاميين، ولا مثل الذي وعد بضرب الفساد بيد من حديد وتبين لاحقا انها كف من شمع، ولا مثل الذي قُتل في زمنه خيرة شباب تشرين، ولا مثل الذي يشبه مجيئه مغادرته بلا طعم او رائحة او لون، دعوا الرجل يعمل، لعلنا بعمله نمسك بالشكل على أمل تغيير المضمون.

ألا ترون معي ان بغداد اليوم أجمل، نحن أبناء المحافظات في كل زيارة للعاصمة نرى شيئا جديدا، عمارات شاهقة، اضاءة ليلية جميلة، شوارع نظيفة، وشبكة جسور أضفت على بغداد رونقا وفكت اختناقا،  حتى بدت أحلى من عواصم عربية عديدة،  فماذا ستقولون للناس ان فشل مرشحكم القادم بما نجح فيه السوداني؟.

 

jwhj1963@yahoo.com

 


مشاهدات 42
الكاتب جليل وادي
أضيف 2025/12/20 - 5:50 PM
آخر تحديث 2025/12/21 - 12:15 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 14 الشهر 15125 الكلي 12999030
الوقت الآن
الأحد 2025/12/21 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير