فاتح عبد السلام
المواقع الاثرية في العراق في وضعها الحالي ليست وجهات سياحية لائقة لاستقبال السياح، فهي لا تتمتع بالصيانة المناسبة لها، كما لا توجد الخدمات السياحية المرافقة لها والتي تناسب التعامل مع السياح الاجانب.
حتى المواقع التي لا تزال الحفريات تشتغل فيها فإنّ من الممكن ان تتحول الى وجهات سياحية وللسفرات العلمية لطلبة وباحثي الجامعات في العالم.
لنبدأ أولاً، من القاعدة الأساسية لتوفير العنصر البشري المؤهل لنهضة السياحة الاثارية في البلاد. هناك دورات متراكمة لخريجي اقسام الاثار والسياحة والفندقة في جامعات ومعاهد العراق، وهؤلاء ينتظرون في طوابير العاطلين والباحثين عن وظائف، وأغلبيتهم لا يمتلكون الواسطة او القدرة على دفع الرشى للتوظيف كما هو حال سياق التعيين في الدوائر الرسمية، وهنا نحتاج الى رؤية لتفعيل العنصر البشري لان المستقبل فيه في صيانة امكاناتنا الثقافية.
وزارة الثقافة والسياحة والاثار تجمع العناوين الخاصة بتطوير هذا القطاع الحيوي لنهضة صورة العراق امام العالم، لاسيما في نطاق مؤسسات الاعلام والثقافة والاكاديميات، وهذه الوزارة غائبة عن المشهد ولا تملك خطة استراتيجية للنهضة السياحية استنادا الى معطيات من الكنوز والثراء في المجال الآثاري. لقد شهدنا وزير الثقافة قادما الى لندن لتسلم ستة الاف من القطع الاثرية وبعضها كان معروضا في المتحف البريطاني منذ مائة سنة. وعاد الوزير، وكأنَّ المهمة انتهت الى حدود استلام صناديق محكمة الاغلاق وتحميلها بطائرة شحن وهي مهمة تستطيع تأديتها أي شركة علاقات او توصيل، فالمهم هو كيف يتعامل البلد مع هذا الكنز بعد عودته، ولماذا لا يشعر العراقيون داخل البلد بهذه الكنوز ولا يجدون السبل للوصول اليها والاطلاع عليها، كما انَّ وزارة الثقافة لم تقم بتنظيم مهرجان تجتذب فيه الوفود الإعلامية والسياحية والعلمية الدولية لتفعيل نطاق أي اكتشاف اثاري جديد.
انَّ العنصر البشري من خريجي الجامعات في مجال الاثار والسياحة معا، يحتاج الى عناية وتدريب وتطوير وايفادات للخارج من دون محسوبيات ومنسوبيات.
لا بدّ من إيجاد خطط لتطوير الكفاءات الشابة لرفد هذا القطاع المهمل والذي ازداد تعاسة مع هذه الوزارة المحنطة والتائهة في عالم الثقافة والاثار الرحيب.
رئيس التحرير-الطبعة الدولية