فاتح عبد السلام
أصوات استهداف “المسلمين” في أوربا لاتزال عالية، فما تركه تنظيم” داعش” وقبله “القاعدة” من صدمات وجروح في العالم ليس أمراً سهلاً، ولا يمكن محوه في ليلة وضحاها، كما انّ تيارات التطرف الأوربية تتصاعد بقوة في الأوساط السياسية والاجتماعية، وبات بعض رموزها في سدة المناصب الحكومية الرئيسية أو الفرعية. كما انَّ “حرب غزة” والتحالف الغربي الوثيق مع إسرائيل عزّز ذلك بنسبة كبيرة. لذلك لا نستغرب انه في السنوات القليلة المقبلة ستتغير القوانين الاوربية التي سوف تستهدف اي سلوك داخل الجاليات الاسلامية غير منضبط او متوافق مع القوانين السارية او التي سوف يجري استحداثها وفق التغيرات العالمية الجديدة، بغض النظر عن التبريرات المشروعة لحقوق التعبير.
المخاوف الأوربية الحالية جعلت سياقات التصريحات والبيانات السياسية حول أحداث منفردة لطعن او استخدام العنف في الشارع منضوية تحت خيمة التحسب من ذلك “الخطر الإسلامي” قبل ان يتم تبين تفاصيل الحوادث، وهنا وجدنا امس
المستشار الألماني أولاف شولتس يعلن إصابة عدد من الأشخاص بجروح «بالغة» في «اعتداء» بسكين وقع في مدينة مانهايم واستهدف بحسب وسائل إعلام ناشطا معاديا للإسلام قريبا من اليمين المتطرف.
وأفادت وزيرة الداخلية نانسي فيسر عن احتمال أن يكون الهجوم إسلاميا.
وذكرت في بيان أنه «إذا كشف التحقيق عن دافع إسلامي، فسيكون ذلك تأكيدا جديدا للخطر الكبير الذي تمثله أعمال العنف الإسلامي والذي حذرنا منه» منددة بـ»جريمة رهيبة”.
وبالتزامن مع ذلك جرى الإعلان في باريس ان أجهزة الاستخبارات الفرنسية احبطت مخطط اعتداء مستوحى من هجمات “المتطرفين الإسلاميين” في سانت إتيان بشرق وسط فرنسا، كان يستهدف مباراة لكرة القدم ضمن دورة أولمبياد باريس 2024 واعتقلت مواطنا شيشانيا، على ما أعلنت وزارة الداخلية الجمعة، والمدة بين القبض على الشيشاني والاعلان عن احتمال ان يكون الهجوم إرهابيا أربع ساعات ، وهي لا تكفي عادة في اجراء التحقيقات اللازمة، ولكن أي اعلان في سياق التحذير من خطر إسلامي يكون مبررا وغير قابل للطعن.
التطرف تحت عباءة الإسلام موجود في العالم الغربي ولا يمكن انكاره، ولكنه لا يغلب كثافة الجرائم بدوافع متطرفة أخرى لجماعات وتنظيمات وربما اديان أخرى، بالقياس الى الاعداد الكبيرة للمسلمين في جاليات تعد الأكثر انتاجا وتسامحاً واعتدالا وفائدة للمجتمعات والاقل جريمة في الأوساط الاجتماعية.
في الجانب الاخر، هناك تقصير في” إدارات” الجاليات العربية والإسلامية ومنتدياتها ومؤتمراتها ومنظماتها العاملة في عواصم الغرب في تحصين أبناء الجاليات لاسيما القادمين من مناطق ساخنة مختلطة ومشوشة مثل سوريا، فقد سقطت تلك المنتديات والمنظمات في الفعل السياسي واتخذت من عناوين الجاليات والمغتربين ستارا لأعمال سياسية وحزبية في غياب مهول للجانب الخدمي وفشلت في التحول لمنظمات مجتمع مدني منتجة.
رئيس التحرير-الطبعة الدولية