فاتح عبد السلام
لشدة قلق بعض العراقيين ووقوعهم تحت ضغوط نفسية وإعلامية وسياسية وربما اوهام كبيرة أيضاً، قبيل خطاب الرئيس الجديد دونالد ترامب في يوم التنصيب، توقعوا أن ترد فيه فقرة خاصة بالعراق، وذهب ظنّهم الى انه سوف يتناول بالاسم عدداً من الفصائل المسلحة الرافضة لحل نفسها والاندماج بالقوات المسلحة العراقية. وهناك مَن كان يعتقد انّ ايران سوف تتصدر كلام ترامب بشأن سياسته الخارجية، لكن الرئيس لم يلتفت الى العراق أو ايران، واهتم بالقضايا الكبرى والاستراتيجية التي تستحق ان يتناولها زعيم اكبر دولة وقوة في العالم، تاركاً التفاصيل لموظفين في ادارته، وانّ العراق من حصة دبلوماسي أو موظف أو اثنين في الخارجية او ضابط متوسط الرتبة في البنتاغون، ليس هناك اكثر، وانّ ايران لم تعد رقماً في المعيار الاستراتيجي لأمريكا في عهد ترامب ، بعد انتهاء الحروب التي كانت تسهم في اشعالها في قطاع غزة أو لبنان أو سوريا. أما الملف النووي الإيراني فلن يلقى تعاملاً اقل تشدداً ممّا كان عليه الحال في الولاية الأولى لترامب، وانّ الإيرانيين أمام استحقاق غير قابل للتأجيل في ادراك حقيقة انّ سياستهم تحتاج الى انعطاف كبير ونوعي لكي تتلاءم مع الغرب والولايات المتحدة في مقدمته. ولعلهم سيراقبون السلوك الصيني او التعامل الروسي قبل أن يقرروا، لكن هناك أمورا مستجدة هي انَّ التوقيتات ستكون متلاحقة لقرارات ترامب ولا وقت لديه ليضيع ، كما ان الزمن اختلف بما حمل بين تاريخين رئاسيين، فترامب يبدو عازماً على انجاز مهمته في جميع الأهداف المعلنة أو غير المعلنة في خلال فترة رئاسته غير القابلة للتجديد. من هنا لا جدوى من تكرار إيران اسلوبها السابق في الرهان على الزمن، لأنه لا توجد فسحة كافية لهذه المناورات، وانّ استحقاقات حروب وتغييرات الشرق الأوسط باتت أطول في قامتها المهيمنة من كل الارتفاعات التي صعدت اليها ايران في العقود الثلاثة الأخيرة، لاسيما بعد خروج العراق من المعادلة الإقليمية والدولية.
المجال ليس متاحاً لتفاؤل أو تشاؤم، وانما لعمل سريع وخطوات بعيدة عن التهويمات الشعاراتية، وانّ ايران التي قال ناطقها اليوم انها تأمل أن يتعامل ترامب بواقعية معها والمنطقة، بات من واجبها ان تتحاشى ان ينوشها قول الله تعالى « يكاد المريب يقول خذوني”