فاتح عبد السلام
العرب، تاريخيا، في هذه الساعة، هم في أسوأ أوضاعهم ويتجلى ضعفهم ، ليس امام «الإرادة» الإسرائيلية التي تحشرهم في زوايا دفاع من دون سلاح يوما بعد اخر ، لكن أمام شعوبهم الساخطة التي أنهكتها ظروف المعيشة والبطالة وتردي الخدمات واستباحة حقوقهم السياسية والإنسانية وضعف او انعدام مشاركتهم بالقرارات المصيرية لبلدانهم، فضلاً عن ثقل الانقسامات الثنائية التي تعاني منها اكثر من دولة منذ عقود، ولا توجد علاجات لهذا التشرذم بالرغم من كل الاجتماعات والتصريحات واللقاءات المتكررة، على ما فيها من خطب معسولة وتبويس حار للحى.
في هذه اللحظة التاريخية المُنتَجة من عوامل التردي واليأس والانقسام والتزوير، تنعقد القمة العربية الجديدة في البحرين، تحت دافع تبني عدد من المطالبات بشأن القضية الفلسطينية التي لا جديد فيها سوى عرض مقترح على مجلس الامن للتعامل مع إسرائيل في حال امتناعها عن إيقاف الحرب في غزة من خلال البند السابع، الذي يعني فرض عقوبات دولية على الطرف غير الملتزم بتنفيذ القرارات الدولية، وهو بند لا يمكن استخدامه من دون موافقة أمريكية مهما كان هناك اجماع دولي، وهو صعب التحقيق أساسا، وبات معروفا انّ واشنطن اظهرت اقصى ما يمكنها اظهاره “إعلاميا أو فعليا” من ضغوط وهي في عز موسمها الانتخابي، تحت وازع الحرج ضد إسرائيل، وهي أمور لا تلقي لها تل ابيب بالاً وتمضي الى مشروعها الواضح في غزة ورفح تحديداً، وبعض العرب المعنيين بمحيط إسرائيل يدركون ذلك جيداً.
قمة البحرين، التي لن تحظى بحضور فعلي كامل للزعماء لأسباب تتعلق بمواقف شخصية وموضوعية، تريد الدعوة لمؤتمر عالمي للسلام من اجل حل القضية الفلسطينية، وهذا يشبه احضار المعلف قبل الحصان، اذ لا تزال النيران الإسرائيلية تلتهم الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وقد سقط ما يقرب من خمسة عشر الف طفل بالرصاص والقصف، فماذا يعني مؤتمر للسلام يبحث قضية تاريخية كبرى فيما الجحيم لم يغلق أفواهه المفتوحة على المدنيين في القطاع المنكوب.
الإرادة لها مقدمات بائنة لا لبسَ فيها، وهو ما يفتقده العرب، بالرغم من انهم لو استخدموا التلويح بوقف التطبيع او الانسحاب منه لكان رادعاً نسبياً للعنت الإسرائيلي، لكن هذا لن يحدث، لذلك ستسعد اسرائيل بقمتهم، كما في كل مرة.
رئيس التحرير-الطبعة الدولية