الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
قصة تاريخية

بواسطة azzaman

قصة تاريخية

عبد المحسن عباس الوائلي

 

فتح الرومانيون وادي النيل، واقاموا به في قرونا ظهر في اثنائها الدين المسيحي وانتشر في العالم، ودخل الديار المصرية فاعتنقه المصريون، وهم الاقباط، ثم اتخذته الدولة الرومانية دينا لها بدلا من الوثنية، وهدمت تماثيلها.

ولكن ما كادت تستقر الأمور حتى حدث نزاع ديني بين كهنة القسطنطينية عاصمة المملكة الرومانية الشرقية، وكهنة الاسكندرية عاصمة الديار المصرية، واشتد هذا النزاع حتى تمكنت الضغائن بين الرومانيين، وهم الفئة الحاكمة،  وبين الاقباط وهم الشعب المحكوم، وعرف المذهب الروماني بالملكي، والمذهب اليعقوبي، فال ذلك الى نفور الأقباط من الرومانيين واستبدادهم، والى رغبتهم في التخلص من نيرهم بأية وسيلة وكان الرومانيون يسومون المصريون سوء العذاب، فلم تفتهم فرصة للايقاع بهم والانتقام منهم.

وفي أوائل القرن السابع للميلاد، كان يحكم مصر وال يوناني الأصل، اسمه المقوقس حنا بن قرقت، وقد يدعونه بأسماء اخرى، وكان متشيعا لأهلها ومذهبهم وتقاليدهم، واقام بالاسكندرية شأن ولاة الرومانيين الى ذلك العهد، لأنها كانت عاصمة الديار المصرية ومقر الامارة فيها، ولم تكن القاهرة قد وجدت بعد، بل كان في مكانها بساتين وغياض يتخللها بعض الأديرة والكنائس، وقليل من البيوت مبعثرة بين جبل المقطم والنيل، والى جنوبها بلدة صغيرة أسمها بابل، بناها الفرس حين قدموا مصر قبل الميلاد ودعوها بأسم عاصمة دولتهم، وكان وقعها فيما هو الان دير ماري جرجس وما جاوره من البيوت، وجامع عمرو، وبعض مصر القديمة.

وكان في وسط تلك البلدة حصن كبير يدعى حصن بابل، او قصر الشمع مبني على الطراز الروماني، هو الذي يقوم في مكانه الان دير ماري جرجس وكان النيل يجري امامه، وتلاطم امواجه باباً كبيراً من أبوابه، مازال رسمه ظاهرا منه الا عتبته العليا، الى ان ازالت الحكومة تلك الاتربة ، فظهر الباب كله، وهو قائم بين برجين كبيرين مستديري الشكل، في احدهما كنيسة المعلقة القائمة حتى الان ولكن بناءها تهدم.

أما مصر القديمة -ما بين هذا الحصن الى النيل- فلم يكن لها اثر البتة، لأن النيل كان يجري في موضعها بجانب الحصن كما قدمنا، وكان بين هذا الحصن وجزيرة الروضة جسر من السفن، يمر عليه الناس من البر الشرقي ومنها يذهبون الى منف -عاصمة مصر القديمة- حيث كان المقوقس يقيم بعض أشهر الشتاء، برغم انها في عهده كانت قد انحطت وكادت تؤول الى الخراب.

ولم يكن للأقباط هم في تلك الايام الا التخلص من الرومانيين والتحدث بفظائع أعمالهم وظلمهم واستبدادهم، ولكنهم لم يكونوا يستطيعون المجاهرة بعداوتهم، خوفا من سخطهم وزيادة الضغط عليهم.

 

 


مشاهدات 45
الكاتب عبد المحسن عباس الوائلي
أضيف 2025/12/01 - 6:09 PM
آخر تحديث 2025/12/02 - 12:38 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 35 الشهر 823 الكلي 12784728
الوقت الآن
الثلاثاء 2025/12/2 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير