الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
تحدّيات ومسؤوليات أمام الرئيس المقبل

بواسطة azzaman

تحدّيات ومسؤوليات أمام الرئيس المقبل

محسن القزويني

 

حبى الله العراق بكل شيء ولم يترك نعمة الا وانعم  بها  عليه حتى ُسمي في التاريخ ببلاد السواد ، وبلاد ما بين النهرين ولا زالت دول العالم تتنافس للحصول على كسب ود العراق،  لان مستقبل المنطقة سيرسمه العراق بما يمتلك من احتياطي كبير من المعادن الثمينة التي لا حصر لها ، ففي الصحراء الغربية تكمن ثروة العراق، ففي هذه الصحراء الشاسعة التي تفتقد لابسط مقومات الحياة يُوجد احتياطي كبير من اليورانيوم في منطقة (عكاشات) ، وفي هذه الصحراء القاحلة حيث الرمال البيضاء يوجد اهم معدن يدخل في صناعة الرقائق الدقيقة التي تدخل في الصناعات الالكترونية هي(السيليكا) وباحتياط يبلغ 75 مليون طن, اضافة الى الفوسفات التي كشفت مسوحات الشركة العامة للفوسفات عن وجود احتياطي كبير يتجاوز 7 مليارات طن،  واما الذهب هذا المعدن النفيس الذي يلهث لرؤيته البشر فقد اُعلن عن اكتشاف كميات كبيرة منه في محافظة نينوى ،و اما الفضة فتوجد في مناطق كردستان العراق ضمن الصخور البركانية، وفي رمال النجف يوجد الفلدسبار الذي يدخل في صناعة المنتوجات التي تحتاج الى متانة وقوة  لانها تقلل من درجة انصهار المعادن ، ويقدر الاحتياطي منها بنحو 203 مليون طن.

مواد مشعة

وفي البصرة الفيحاء التي عُرفت بنفطها فيها معدن الكوارتز في منطقة الفاو حيث يقدر الاحتياطي منها بنحو 855 مليون متر مكعب وتنتشر ماده السلسنايت (كبريت السترونتيوم) في محافظتي النجف وكربلاء ويقدر احتياط البلاد منها نحو 8 بالعشرة بالمائة مليون طن وهي غير مستتثمرة. اما في محافظة السماوة التي تعد  افقر محافظات العراق، خلقها الله غنية  بما اودع في ارضها من معدن الدولوميت الذي له استخدامات صناعية متنوعة في البناء واستخدامات كثيرة في الطب لامتلاكه خاصية مضادة للمواد المشعة ويقدر احتياط العراق من هذا المعدن ب 330 مليون طن .

و بالاضافة الى هذه الثروة المعدنية يمتلك العراق اكثر من 12 الف موقع سياحي و اثري تدر عليه بارباح تعادل ارباحه من النفط.

و بناءا على ذلك كان لابد للعراق ان يصبح في مصاف الدول الثرية وان يتنعم شعبه بجميع الخدمات من ماء وكهرباء واتصالات وما شابه ذلك،  وكان يفترض ان تكون مدنه من اجمل مدن العالم وان بنيته التحتية من افضل ما موجود في عالمنا اليوم، لكن ما نشاهده اليوم في العراق يثير الحسرة والخيبة على وطن بهذه الثروات  وهو يعاني من نقص في الكهرباء والماء وبقية الخدمات، ومن شعب خمسه يعاني من الفقر والمرض ونقص في المستشفيات والمدارس والشوارع، فما الذي يفتقده العراق لكي  يصعد الى سلم الرقي لينافس الدول الثرية في العالم؟  اُجيب على هذا السؤال بعد هذه اللقطة التاريخية؛

ماذا قال رئيس وزراء اليابان للوفد العراقي؟

في عام 2005 كانت لنا زيارة الى اليابان ضمن وفد وزاري مع اعضاء من الجمعية الوطنية العراقية، وكان لنا لقاء مع رئيس الوزراء الياباني في وقته (كازومي) مع عدد من وزرائه، وفي بداية اللقاء قدّمّ لنا الرئيس (كازومي) البوما يوضح فيه صور الدمار الذي شهدته طوكيو العاصمة بعد الحرب العالمية الثانية، وبعده قدم لنا البوما اخر يوضح فيه نتائج الاعمار والبناء للاحياء المهدمة التي شاهدناها في الالبوم الاول وبعد ذلك اخذ رئيس الوزراء يعلق على ما شاهدناه في الالبومين قائلا: لقد استطعنا ان نعيد بناء ما هدمته الحرب خلال 15 عاما ونحن لا نملك شيئا ..ثم وجّه خطابه الينا : وانتم تملكون كل شيء وتستطيعون ان تعيدوا بناء بلدكم في  فترة وجيزة اقل من فترة بناء اليابان.

وقد لاحظت من زيارتي لليابان ولقاؤنا  بقادة البلد ومسؤولي الشركات ان سر عظمة اليابان يكمن في؛ النزاهة وحسن الادارة ، فاليابان تتكون من ترابٍ وماءٍ ولا غير، وقد استثمر اليابانيون حتى الشبر الاخير من ارضهم في البناء والاعمار، وقد قال امير المؤمنين عليه السلام (من وجد ماء وترابا ثم افتقر فابعده الله) ولن تجد في طول اليابان وعرضها فقيرا بالرغم إنّ عدد سكان اليابان ثلاثة اضعاف سكان العراق والبالغ 123.5  مليون نسمة وان مساحة العراق البالغة  438.317 كلم مربع تزيد عن مساحة اليابان البالغة 377.975 كلم  مربع.

 ومن الحقائق التي لاحظتها في اليابان انهم يتبعون تعاليم الاسلام بالاخص كلمات النبي الاكرم وامير المؤمنين عليه السلام بالفطرة بدون ان يكون لهم اطلاع على هذه التعاليم،  وقد اصدرت كتابا في الادارة عند اليابانيين واخذهم  لتعاليم الاسلام بالفطرة وكيف اننا تركنا هذا التراث الحضاري ولم نعمل به بينما الاخرون استفادوا منه وعملوا به.

دولة الامام علي قدوة لنا

 فقد وجدتُ في اليابان ترجمة واقعية لما قاله امير المؤمنين عليه السلام (ولا يكون المحسن والمسيء عندك بمنزلة سواء فان في ذلك تزهيدا لاهل الاحسان في الاحسان وتدريبا لاهل الاساءة على الاساءة) وهذه اول قاعدة في الادارة، لابد من التفريق بين المحسن والمسيء اثناء العمل ،ومن كلمات الامام علي عليه السلام التي وجدنا تطبيقا لها في اليابان (من نصب نفسه للناس اماما فليبدا بتعليم نفسه قبل تعليم غيره) وقد جسد رئيس الوزراء هذه المقولة عندما حضر الاجتماع معنا بقميص وبنطلون متخطيا العرف الدبلوماسي وقد اعتذر لنا عن ذلك، قائلا :بانني طلبت من الشعب الياباني ان لا يرتدي الستر والمعاطف وهو في بداية فصل الصيف اقتصادا في الطاقة لان ارتداء الملابس بحاجة للتبريد وصرف المزيد من الطاقة الكهربائية ثم اردف معتذرا : ولانني صاحب المقترح فكان عليّ ان اكون اول من يُنفِذ هذا المقترح.

 وقد قرات في كتاب الرئيس( لي كوان يو) الذي حوّل سنغافورة من مستنقع آسن الى دولة في  مصاف الدول العظمى ففي كتابه( قصه سنغافورة) ذكر بانه اول ما قام به عندما اصبح رئيسا للبلاد هو مكافحة  الفساد وقد بدا بالمكافحة من فوق السلم وليس من تحت، اي بدأ بكبار الوزراء واصحاب الاموال والنخبة الحاكمة واقربائها قبل الموظف البسيط.

 من هنا كان لابد لاي مرشح للرئاسة في العراق ان يطّلع على تجارب الرؤساء الناجحين في الماضي والحاضر وان يعمل بافكارهم ويتبع اساليبهم في الحكم ،وعلى راس هذه التجارب تجربة امير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام في حكم البلاد على الرغم من القلاقل والاضطرابات التي حدثت في عهده فقد استطاع ان يُرسي قواعد دولة العدالة والرفاهية ويواجه اسباب الظلم في بلاده حتى لا تجد مظلوما قط، وواجه اسباب الفقر حتى لا تجد فقيرا قط وقد اثار استغرابه منظر رجل في البصرة وهو  يستعطي من الاخرين فقال بتعجب : ما هذا؟ فقيل له انه نصراني فقال كلمته المشهورة: (استعملتموه حتى اذا كبر وعجز منعتموه ،انفقوا عليه من بيت المال).

حروب داخلية

 فلا يكفي  ان ندّعي اننا اتباع علي بن ابي طالب عليه السلام ونحن لا ناخذ بمنهجه في تحقيق العدالة وتوفير الحرية والقضاء على الفقر وامامنا تجارب رائدة لدول عانت من الفقر والحروب الداخلية، واصبحت اليوم في مصاف الدول المتقدمة، كفيتنام وكوريا الجنوبية ورواندا وسريلانكا فلناخذ بتجاربها واسباب نجاحها وانتقالها من عالم التخلف الى عالم التحضر والازدهار.

التعليم اولا:

 فكان اول ما قامت بهذه الدول بعد مكافحة اسباب التخلف والفساد هو الاخذ بناصية العلم والمعرفة والاهتمام بالعلماء وفتح المجال امام المبدعين والاخذ بايدِ الفقراء ليصبحوا منتجين وليس عاطلين عن العمل ، والاستفادة من ثروات البلد في تطوير الزراعة والصناعة، وهذه حقائق مهمة نضعها امام من يريد ان ينصب نفسه زعيما للعراق.. لنقول له: إنّ الشعب معك اذا اخذت باسباب القوة و المنعة   في هذا البلد المعطاء وتوكلت على الله ،واستعنت على بناء العراق بالخيرين من ابناء الشعب العراقي الذي اثبت للعالم بانه شعب يتوق الى التقدم وانه يبحث عن مكانته في خارطة العالم وانه يبحث عن رجل يستطيع ان ينقذه من سوء الخدمات والفساد الى رحاب الحياة السعيدة التي تنتظره .

 

 


مشاهدات 49
الكاتب محسن القزويني
أضيف 2025/11/10 - 7:21 AM
آخر تحديث 2025/11/10 - 11:20 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 435 الشهر 6874 الكلي 12368377
الوقت الآن
الإثنين 2025/11/10 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير